المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، كعادته يعشق الجولات التفقدية السريعة، ليكشف بنفسه الإهمال والفساد وانعدام الضمير فى الأحياء والمستشفيات والهيئات، ويسارع بإصدار القرارات والأوامر والتوجيهات فى محاولة لإصلاح ما أفسده التراخى والتواطؤ من كبار وصغار المسؤولين مسؤولية مباشرة عما يحدث فى مصر.
بعد جولاته بمعهد القلب بإمبابة وتيودور بلهارس وعدد من الأماكن فى القاهرة وغيرها، كانت جولته عقب صلاة الجمعة الأولى فى رمضان المعظم فى منطقة مصر القديمة والدرب الأحمر بوسط القاهرة هى الأكثر إثارة وجدل، فقد أصدر قرارا شفويا فى حضور محافظ القاهرة جلال السعيد، بإقالة المهندس ماجد على، رئيس حى وسط القاهرة، بعد أن لاحظ عقب أدائه صلاة الجمعة فى المسجد الأزرق الأثرى بالدرب الأحمر بعد تطويره، أكوام القمامة حول الأضرحة الأثرية بالدرب الأحمر، وأبدى غضبه واستياءه من المشهد، فقال لمحافظ القاهرة «قبل ما أمشى يكون رئيس الحى دا روح بيتهم».
مثل هذه القرارات السريعة وبعد جولات يقوم بها رئيس الوزراء بنفسه، قد تعجب الناس ويصفقون لها ويكيلون المديح لرئيس الوزراء، الذى يترجل بنفسه فى الأحياء ويتابع ويراقب الفساد الإدارى والمالى وفساد الذمم والضمائر، ربما لم يعتاد المصريون على هذا النوع من رؤساء الوزراء منذ فترة طويلة، يمشى فى الأسواق ويركب المواصلات العامة ويفاجئ المسؤولين فى أماكن وظائفهم، ويتخذ القرارات الشجاعة بإقالة المقصرين والمهملين فى أداء واجبهم الوظيفى، لكن أيضا هناك أسئلة وتساؤلات عديدة بعد جولته الأخيرة فى حى وسط، من نوعية، هل المذنب والمهمل فقط فى أداء واجبه الوظيفى هو المهندس ماجد على فقط، أم محافظ القاهرة جلال السعيد بصفته الراعى والمسؤول الأول عن رئيس الحى والمتابع له والمراقب لأعماله؟! وبفرض أن هناك إهمالا ومقالب قمامة ومياه صرف صحى، فهل رئيس الحى هو المفترض أن يصدر له وحده قرار إقالة، أم المسؤول الأكبر منه، سواء كان محافظ أو وزير التنمية المحلية، وماذا عن باقى رؤساء الأحياء فى القاهرة يا سيادة رئيس الوزراء، معالى رئيس الوزراء، القضية أعقد من مجرد إقالة رئيس حى فى القاهرة، لأنها قضية المحليات فى مصر الذى شب فيها الفساد وشااااب.