لم يكن يوسف وهبى موهوبا فحسب بل كان مميزا بطريقة تجعل من كل النجوم الذين يقفون للتمثيل أمامه يشعون موهبة وخفة ظل ورقى فى الأداء واستطاع من خلال أدواره أن يترك بصماته بأفيهات لا يمحيها الزمن مثل "بنت سلطح بابا" فى فيلم إشاعة حب الذى تميز فيه "وهبى" بشكل كبير من خلال تقديم شخصية الأب ابن البلد خفيف الدم والذى ولد عام 1898 فى الفيوم وحصل على البكاوية ونشأ فى بيت من بيوت علية القوم ذى الشأن المادى والأدبى فى مصر، تلقى تعليمه بالمدرسة السعيدية، ثم بالمدرسة الزراعية بمشتهر، وشغف بالتمثيل لأول مرة فى حياته عندما شاهد فرقة الفنان اللبنانى "سليم القرداحى" فى سوهاج، بدأ هوايته بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات بالنادى الأهلى والمدرسة، ولن تستغرب كثيراً عندما تعرف أنه عمل مصارعاً فى سيرك، فلو فكرت قليلا ستجد أنه موهوب جداً يستطيع فعل كل الأشياء والبراعة فى كل الأدوار سواء قدم الخير أو الشر أو الدم الخفيف أو الدراما، وهنا يمكن القول بأن البهجة التى يصنعها يوسف بك وهبى عند رؤيته لا تأتى من كونه فنانا خفيف الظل بارعا فى تقديم الأدوار الكوميدية الضاحكة، لكن البهجة التى يصنعها مختلفة تماماً وتنبعث من صدقه ومهارته وإبداعه وتمكنه ورسالته التى آمن بها فصدقناها وصدقناها وجعلنا نؤمن بكل نظرة من عينيه.
سافر بعد ذلك "وهبى" إلى إيطاليا ودرس الأداء المسرح على يد الممثل الإيطالى "كيانتونى" ثم عاد بعد وفاة والده لاحتراف التمثيل الذى لم يكن بالنسبة إليه مجرد مهنة أو حتى موهبة بل كان رسالة أراد من خلالها الارتقاء بالمجتمع والنهوض به فأسس فرقة رمسيس وقدمت للفن المسرحى أكثر من ثلاثمائة رواية مؤلفة وصار ألمع أساتذة المسرح العربى وكانت جميع أعماله تدور حول الارتفاع بالمستوى الثقافى والاجتماعى، ولم يقتصر نشاطه الفنى على مصر، بل فى محتلف الأقطار العربية لتعريف الشعب العربى بدور مصر الرائد فى فن التمثيل ودعماً للروابط والعلاقات بين أجزاء الوطن العربى وتأخر دخوله إلى عالم السينما بسبب الحملة الصحفية والدينية التى أثيرت ضده بسبب نيته فى وقتها تمثيل دور النبى محمد فى فيلم لشركة ماركوس الألمانية بتمويل مشترك مع الحكومة التركية، وكان يرأسها فى ذلك الوقت مصطفى كمال أتاتورك، حيث اضطر الى الانسحاب تحت ضغط شعبى ومن الملك فؤاد الذى هدد بسحب جنسيته المصرية منه.
موضوعات متعلقة..
صناع البهجة .. بص.. شوف.. مين.. ثلاثى أضواء المسرح.. ياوعدى