بعد فشل المحادثات غير المباشرة، الخاصة بالصراع فى "اليمن الحزين"، التى جرت فى منذ أيام فى العاصمة السويسرية جنيف، وفشل كل من وفدى الحكومة والحوثيين حتى فى الجلوس وجهًا لوجه، ووصول حدة التشاحن بين الطرفين المخولين بالتفاوض لإنهاء الصراع حول مستقبل شعب إلى حد التعارك والتشابك بالأيدى.. أستطيع أن أؤكد أن كل الأطراف التى تتحكم فى خيوط اللعبة السياسية فى اليمن أصبحت تنظر إلى الصراع بطريقة "قذرة" لا يحكمها وازع ولا ضمير، "فقط" يحكمها "هوس السلطة" والهيمنة والسيطرة، وحكم البلاد بأى شكل وبأى طريقة، حتى وإن كانت الثمن هو العبور إلى "كرسى الرئاسة" عبر آلاف الجثث، التى سقطت والتى ستسقط من اليمنيين على اختلاف انتماءاتهم ومذاهبهم.
فقد استفزنى تصريح نشرته جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية على لسان "رياض ياسين"، وزير الخارجية اليمنى، قال فيه: (إن الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى تقدم بطلب إلى دول مجلس التعاون، يطالب فيه بالتدخل البرى، وأن الطلب قد لاقى قبولا واستجابة من دول الخليج، التى تشارك فى عملية عاصفة الحزم، لأن عمليات قوات التحالف ــ على حد قول الوزير اليمنى ــ عملية متكاملة ولا تقتصر على القصف الجوى فقط.. مضيفا، أنه فى حال رأى الخبراء العسكريون والمسئولون بدء الحملة البرية، فهم على أهبة الاستعداد).
وما يثير الاستفزاز هنا، مدى الهدوء، التى تحدث بها الوزير اليمنى عن أمر التدخل البرى فى اليمن، الذى كان السبب وراء خلاف مصرى سعودى مؤخرا، والسهولة التى تقدم بها الرئيس اليمنى "عبدربة منصور هادى"، الذى أعماه "هوس السلطة" وأصبح يتحدث عن التدخل البرى وكأنه نزهة، غير مبال بالطبيعة الجبلية الوعرة والصحارى الممتدة والشاسعة، التى تتمتع بها بلاده، والتى يجيد اليمنيون بكافة طوائفهم وعقائدهم القتال فيها بمهارة، وأن أى قوات أجنبية قد تنزل إلى تلك الأرض مهما كانت قوتها وعتادها سوف يسقط منها الآلاف دون تفكير.
وكما هو حال الرئيس هادى، الذى لا يفكر سوى فى العودة إلى السلطة، يفعل أيضًا الرئيس السابق "على عبدالله صالح"، الذى أصابه "هوس السلطة" أيضا بالجنون، وبصرف النظر عن كم الضحايا الذى قد يسقط من اليمنيين وغير اليمنيين، وضع صالح يده فى يد الحوثيين، وحرك معهم ما يزيد عن 60% من الجيش النظامى اليمنى، الذى يدين له بالولاء، فى كافة أرجاء اليمن، لا لشيء سوى لـ "العودة إلى السلطة".. والأغرب من هذا أنه عندما أدرك أن الأمور تضيع من يده، بعد التدخل الخليجى، حاول بيع الحوثيين، الذى تحالف معم، لا لشيء أيضا سوى "السلطة" وأرسل بابنه "أحمد على عبدالله صالح" سرا للقاء الأمير "محمد بن سلمان بن عبدالعزيز" وزير الدفاع السعودى، ليعرض علية الانقلاب بقواته على الحوثيين، فى مقابل عودته إلى السلطة، أو ترشيح "أحمد على عبدالله صالح" لرئاسة البلاد، حتى ولو كان ذلك على غير هوى اليمنيين .
أما الطرف الثالث فى الصراع وهم "الحوثيون" فلا يخفى على أحد أنهم يحاولون الانقضاض على السلطة من منطلق "مذهبى شيعى" وبدعم غير محدود من "إيران" لإقامة "دولة شيعية" فى المنطقة، دون النظر أيضا إلى ما قد يذهب من أرواح فى مقابل تحقيق الهدف المنشود لإيران والحوثيين، ورغم أنه كان لهم البداية فى التحرك للسيطرة على السلطة، وهو ما تسبب فى التدخل السعودى، إلا أنهم يرفضون رغم الدمار، الذى حل بكامل اليمن العودة، ويصرون من مبدأ عقائدى مذهبى العودة، بدعم من القوات الموالية بصالح.
الغريب أنه رغم الدمار الرهيب الذى حل بكامل اليمن، وآلاف الضحايا الذين سقطوا من سنة وشيعة، والكارثة الإنسانية التى تهدد كل من بالداخل بالفناء بفعل الأمراض الوبائية، التى انتشرت نتيجة انتشار القمامة والمخلفات وانفجار الصرف الصحى فى الشوارع، واختفاء كل أنواع الأغذية والأدوية من الأسواق، واعتماد السكان فى الشرب على مياه غير صالحة للاستخدام الآدمى.. إلا أن الأمر لا يعنى كل الأطراف المتصارعة، التى أعماهم جميعا "هوس السلطة" ومازالوا يعيشون فى خيال السيطرة و"هوس السلطة"، التى لن تتحق لطرف من الأطراف على الإطلاق .
ولا عزاء لليمن الحزين
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة