بالطبع لا يمكن أن تشاور إلى اسم علا غانم بوصفها فنانة لها بصمة فنية، أو أن لها دورا تمثيليا محفورا فى الذاكرة، أو أنها من فصيلة الفنانين الموهوبين الذين قد يبلع لهم الجمهور آراءهم الصادمة، لأن رصيدهم يسمح بذلك، وبالتالى فإن استضافتها فى برنامج على القنوات الفضائية يبدو أقرب إلى خانة سد الفراغ، ومع ذلك استطاعت أن تلفت الانتباه حين تحدثت عن ثورة 25 يناير مع الإعلامى «طونى خليفة» فى برنامجه «بدون مكياج» قبل أيام.
وصفت «علا» يوم الثورة بأنه «يوم أسود وسنين سودة عشناها بعدها»، وقالت عن الذين قاموا بها: «شحاتين مصر وكانوا مأجورين»، وأضافت: «بلطجية مصر كلها كانت مأجورة وشوية شباب لطاف».
لا يحتاج هذا الكلام إلى جهد فى إثبات فساده، وتفاهة منطقه، وشر مقصده، لكن الإثارة فيه أن صاحبته تتحدث بوصفها عالمة ببواطن الأمور، فى حين ظاهر كلامها وباطنه أيضا يشير إلى أنها تعيش فى كوكب آخر أو بلد غير مصر، وبالتالى توجه هذه الإهانة بكل هذه السهولة إلى عموم الشعب المصرى الذى خرج فى كل الميادين بالمحافظات يرفع شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، ورفض أن يغادر الميادين 18 يوما حتى حقق أول أهدافه بتنحى مبارك.
كانت مصر التى لا تعرفها «علا غانم وأمثالها» هى التى فى الميادين، بينما يختبئ فى الجحور الفاسدون والانتهازيون والمنافقون والبلطجية والمأجورون وأركان نظام مبارك، وقدمت الثورة شهداءها كعربون يؤكد التصميم على التغيير، ويؤكد على أن حكم الاستبداد والفساد لابد له أن يزول، وانبهر العالم بنموذج المصريين فى ثورتهم، وإذا كان هناك من سرق الثورة لصالحه، فالطبيعى أن يكون هو موضع الحساب والمساءلة، وليس الشعب الذى ثار، والشهداء الذين سقطوا، والشباب الذى خرج ثائرا على الاستبداد، وقاوم مصمما على تنفيذ إرادته من أجل غد يحلم به. بالطبع فإن الهجوم على ثورة 25 يناير ليس جديدا، وأصبح موضة يقال فيها أى كلام، ولأن منطق الهجوم عليها ليس له ضابط ولا رابط، وصلنا إلى قاموس «علا غانم»، مما يؤكد على أننا أمام حالة تتحالف فيها أطراف تصمم على جرنا إلى الوراء، بالعمل من أجل محو هذه الثورة النبيلة من الذاكرة الوطنية بالتشكيك فى مقاصدها، والإلحاح فى القول بأنها كانت «مؤامرة» حتى يتشكك الناس فيها، فيكون ذلك أول خطوة ضد مستقبلنا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة