جهاز حماية المستهلك أخيرًا انتبه إلى وجود إعلانات تبث أفكار العنف ضد الأبناء وقام بمنع إذاعةإعلان لإحدى الشركات المنتجة للصناعات الغذائية على الفضائيات المصرية، بعد اكتشاف الجهاز أن الإعلان ينتهك الكرامة الشخصية ويرسخ لمعايير تربوية خاطئة من خلال تصويره لأحد الآباء يصفع ابنه صفعة قوية بعد تناوله للمنتج.
الجهاز اتخذ القرار الصحيح، ولكن عليه أيضا أن يواجه سيل الإعلانات التى تخالف المواصفات القياسية للإعلان والحفاظ على القيم الدينية والثقافية والعادات والتقاليد علاوة على الصحة والسلامة، للأسف فى ظل غياب الرقابة والمتابعة خلال السنوات الماضية استغل منتجو الإعلانات حالة الفوضى فى انتهاك التراث والتاريخ والقيم الاجتماعية وضربوا بها عرض الحائط ودون مراعاة أو خوف أو احترام للقوانين والتشريعات المنظمة للبث الإعلانى، وللأسف أيضا فإن القنوات الفضائية انساقت وراء الكسب المادى والربح لبث هذه النوعية من الإعلانات دون اعتبار لقيم أو عادات أوتقاليد.
الإعلان الذى منعه جهاز حماية المستهلك ليس وحده الذى يحرض على العنف، فهناك عشرات الإعلانات الأخرى لمنتجات مشابهة تدعو إلى الفوضى وعدم الانضباط والالتزام والإيمان بقيمة العمل تحت شعار «الجرعة الزائدة» والسخرية من المسؤولية والحياة الاجتماعية، ومع ذلك لم تتدخل أى جهة لوقف الإعلان الذى يحطم أى قيم أخلاقية واجتماعية تدعو إلى العمل، فالموظف يقتحم غرفة الاجتماعات على رئيس الشركة لإبلاغه بكل جرأة أنه لن يأتى للعمل تحت تأثير تناول المنتج الذى يمنحه الشجاعة والجرأة حتى على رؤسائه فى العمل.
أنا هنا لا أحرض على منع الإعلان وغيره من باقى الإعلانات، إنما أدعو جهاز حماية المستهلك ووزارة التموين ووزيرها النشط خالد حنفى أمام مسؤولياتهم فى حماية قيم المجتمع المصرى والأجيال الجديدة من أفكار غريبة ومسمومة تبثها نوعية خطيرة من الإعلانات تدمر بها قيم العمل والاجتهاد والالتزام وتحمل المسؤولية واحترام الحقوق والحريات الشخصية والحفاظ على التراث المصرى بكل أنواعه، ولست متأكدا إذا كانت هناك لجان مراجعة للإعلانات قبل بثها على الفضائيات أم لا.. ومن هم أعضاء هذه اللجان، هل هم مجرد موظفين يؤدون دورهم بشكل تقليدى وروتينى، أم هم خبراء ومتخصصون فى الإعلان والدعاية وعلم النفس والاجتماع؟ وهل تتم الموافقة على البث لمجرد التأكد من سلامتها فقط وعدم أضرارها على الصحة العامة، دون أضرارها الأخرى على المجتمع وقيمه وتراثه؟ إذا لم يكن هناك من يراقب الإعلانات اجتماعيا ودينيا فنحن أمام أزمة خطيرة فى حال استمرار الإعلانات على ما هى عليه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة