ولد ويستون هيو أودن فى يورك بإنجلترا عام 1907، وكان ألمع شعراء الثلاثينيات فى بريطانيا، وأكثرهم شعبية وبراعة وشاعرية، كان واحدًا من المثقفين الشيوعيين البريطانيين، وهاجر إلى أمريكا وحصل على جنسيتها، ويقال إن هجرته تلك لم تكن هجرة بقدر ما كانت هروبًا، إثر الاشتباه به من قبل المخابرات البريطانية بمساعدة أحد الجواسيس السوفييت، هذه المسألة التى لم تكن معروفة، ولم يتم الكشف عنها إلا قبل عشر سنوات فى وسائل الإعلام البريطانية. كان أكثر الشعراء حضورًا بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001! لأن قصيدته «الأول من سبتمبر 1939» كانت فى الحدث، لقد نجح أودن الذى توفى فى فيينا سنة 1973 أن يعبر عن الناس الذين يفعلون الشر لأنه مورس عليهم من قبل، يتحدث عن الديكتاتورية المقنعة بالديمقراطية، وعن وجه الإمبريالية الذى يحدق إلى نفسه خارج المرايا، يتحدث عن ناطحات السحاب العمياء التى تتلمس طريقها إلى السماء، وعن الوطن الذى يشبه غابة مسكونة بالجن، عن القادة الأغبياء، وعن الجوع، والأكاذيب التى تملأ العالم، لكنه يتمنى فى النهاية أمنية ملتبسة تتطابق فى تفسيرها مع صورة الحدث الإرهابى المروع فى سبتمبر.. إنه يتمنى أن يصبح ذلك اللهب الأكيد المحاصر باليأس والإنكار، القصيدة كتبها إبان الغزو الألمانى لبولندا، وتساءل النقاد كما كتب تمام تلاوى: هل هى مجرد مصادفة يا ترى أن تتألف هذه القصيدة من تسعة مقاطع؟ هل هى مصادفة أن يتألف كل مقطع من أحد عشر سطرًا؟ لا أعلم حقًا، يقول فى القصيدة:
فى هذا الهواءِ الحِيادىِّ
حيثُ ناطحاتُ السحابِ العمياءُ تستخدمُ
كاملَ ارتفاعاتِها كى تنادى
بقوّةِ الرجالِ المتَّحِدِين
وبكلِّ لغةٍ تتدفّقُ بعجرفتِها
وبازدحامِ الأعذار
من الذى يستطيعُ العيشَ طويلاً
فى حلمٍ سعيد!
وهما يحدّقانِ خارجَ المرايا:
وجهُ الإمبريالية
والخلَلُ العالمىّ..