سوف يبحثون عن الخلية العنقودية التى فجر أحد أعضائها مسجد الكويت لحظة سجود المصلين، ربما يصلون إليها، وقد يكونوا توصلوا للخلية التى فجرت مسجد الشيعة فى السعودية، وفى تونس قد يعلنوا اسم الفاعل فى اغتيال سياح سوسة. وفى فرنسا سوف تتحرك أجهزة الاستخبارات والأمن للتفتيش وراء خلية تفجير مصنع الغاز. سيفعلون لكنهم لن يلتفتوا إلى أن داعش لم يعد هو فقط الذى يفجر ويقتل ويذبح الساجدين أو المدنيين فى كوبانى أو يبيع الإيزيديات ويركز أمراؤها على جهاد النكاح وتجارة الرقيق. داعش متوافر وعلنى ورجاله مشهورون ومتكلمون فى الفضائيات والجامعات.
داعش بفكره بدائى الصنع يعشش فى أماكن ظاهرة من المجتمع الكويتى والسعودى والتونسى والليبيى. ليسوا إرهابيين فقراء أو مقموعين أو جهلاء بعضهم أكاديمى ثرى من تجارة الدين، وهؤلاء الدواعش صنعوا على مر السنين فى مصانع الكراهية والطائفية والتفسير الخاص لدين تتنكر له الأغلبية لكنه متاح ومتداول على نطاق واسع ومن سنوات فى نفس هذه الأماكن التى تشكو منه الآن. أفكار التكفير العام لكل الآخرين سواء اتفقوا فى العقيدة أو المذهب أو اختلفوا. وهى متاحة وعلنية ومنتشرة. وبعضهم يمنح نفسه لقب عالم وما هم إلا تجار دين جهلاء انتفخت كروشهم وجيوبهم من تجارة الدين الحرام وإرضاء غرائزهم بتحليل الحرام وتبرير القتل. وبعضهم يحظى برعاية خاصة.
هذه الدول التى تواجه التفجيرات وبعض مواطنيها هم من صنعوا داعش والنصرة وكل تنظيمات الذبح ذوات الرايات السود، عمدا، من تفاعلات ثقافة الكرهية. وتغذية هذه المشاعر بكل المعانى الطائفية والعرقية. يمكن تفهم طريقة تفكير داعش من مراجعة تجارب متماثلة لمحاكم التفتيش بالقرون الوسطى فى أوروبا، عين رجال الدين أنفسهم آلهة يفتشون عن نوع ما من الإيمان وضعوا مقاييسه وإن لم يجدوه قتلوا وعذبوا بتهم الهرطقة والكفر. وأثروا من تجارة الدين وابتزاز العامة.
فكرة القتل على المذهب ولعبة الشيعة والسنة وألفاظ مثل الروافض وغيرهم هى أيضا تنفع لتفسيرات يمكن رؤية أثرها على كائنات تكره بعضها ونفسها وغيرها. ويكفى دقائق متابعة من مواطن طبيعى لجدالات الشيعة والسنة من الطائفيين على شبكات التواصل لنكتشف أن القتلة والانتحاريين هم حلقة فقط من هذا البنيان الذى تغذيه سنوات من الكراهية.
فى الكويت والسعودية وليبيا ومصر أكاديميون وشيوخ يملأون الشاشات والصحف ينشرون الكراهية والطائفية ويشتمون المسيحيين ويبررون القتل. يفعلون ذلك فى العلن ومن دون أن يلوثوا أيديهم بالدم لأن هناك من يفعل ما يقولونه بالنص. وفى أوروبا يجندون بأفكارهم شبابا وشابات نشأوا فى مجتمع أوروبى لكن عقولهم منقوعة فى نفس ماعون الكراهية..
داعش فى الرأس وليس فى القنابل فقط.