معاناة عمال التراحيل تتواصل فى رمضان.. العمال: الحكومة تتحدث عن محدودى الدخل وتنسى المعدومين.. ورأسمالنا "الشاكوش وشوية صحة ومالناش دية".. ولا نعرف ما يسمى بصندوق العمالة غير المنتظمة

الأحد، 28 يونيو 2015 08:02 ص
معاناة عمال التراحيل تتواصل فى رمضان.. العمال: الحكومة تتحدث عن محدودى الدخل وتنسى المعدومين.. ورأسمالنا "الشاكوش وشوية صحة ومالناش دية".. ولا نعرف ما يسمى بصندوق العمالة غير المنتظمة عمال التراحيل
كتبت منال العيسوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ميادين مصر بكل المحافظات، مئات من عمال التراحيل يفترشون الأرض وتحمل ملامحهم هموم الفقر والحاجة، وملابسهم تروى لك من أى إقليم أو محافظة جاءوا لسد جوع الأفواه المفتوحة فى منازلهم وتنتظرهم كل يوم.

لا يملكون من متاع الدنيا سوى "شوية صحة" وعدتهم "شاكوش وأجنة وأزميل ومسامير" التى غالبا ما يكونوا قد ادخروا 200 أو 300 جنيه لشرائها، ليجلس الواحد منهم بجوارها فى أحد الميادين ينتظر الغائب برزقه، هذه العمالة يطلقون عليها العمالة غير المنتظمة والتى أعلنت وزيرة القوى العاملة دكتورة ناهد عشرى، أنها أنشأت صندوقا لخدمتهم وتأمينهم، لكنهم لا يعرفون عنه شيئا.

"اليوم السابع" رصد أحوالهم فى شهر رمضان الذى كان أكثر رحمة عليهم من وزيرة القوى العاملة وصندوق العمالة غير المنتظمة.

فى شهر رمضان الوضع لم يختلف كثيرا عن باقى أشهر العام التى يجلسون فيها منتظرين الرزق الذى أحيانا يعودون بدونه، فعددهم كثير والشغل قليل، لكن المختلف فقط هو أن وازع الخير عند المصريين فى الشهر الكريم يكفل لهؤلاء العمال قليلا من الطعام وبعض الملابس، فكثيرا ما تجد مشهدا متكررا حين يقف أحد الأثرياء أو فاعلى الخير عند تجمع هؤلاء العمال ويقوم بتوزيع شنط رمضان عليهم، أو يطبق يده فى 10 جنيهات ويعطيها لكل واحد.

لكل منهم قصته الخاصة ورغم اختلاف التفاصيل يبقى العامل المشترك الوحيد بينهم هو الأوجاع والفقر وقلة الحيلة، أحمد أبو مصطفى جاء من أسيوط منذ 10 أعوام للعمل فى أحد مواقع البناء بمدينة العاشر من رمضان وهى من المدن الجديدة، يحمل عدته شاكوشاً وأجنة وأزميلا، يلفهم فى كيس من القماش ويحرص عليهم كحياته، وفى اليد الأخرى كيس بلاستيك يضع فيه غياراً آخر له.

يروى أحمد أبو مصطفى كيف يرضى بالقليل ولا يفاصل كما يفعل زملاؤه فى الرصيف ويقوم بأى شىء مقابل أى مبلغ، حتى يستطيع توفير مبلغ لتجهيز شقيقاته الأربعة، فهو الكبير، وليسد أيضا جوع أبنائه الصغار قائلا: "لا أحد يعلم معنى الجوع إلا من جربه".

أحمد لا يعرف عن صندوق العمالة غير المنتظمة شيئا ولا يعرف شيئا عن حقه فى العلاج والتأمين لو أصيب أثناء عمله فى أحد المواقع، ويقول: إحنا أصلا مفيش حد يعرفنا ولا نعرف حد، ولا حد بيسأل فينا والواحد مننا لو وقع من على سقالة أو اتصاب وهو بيهد حيطة أو حاجة "خلاص"، وكل اللى بيعمله صاحب الشغلانة أنه يوديه مستشفى لو إصابته خطيرة، أو يتركه يرحل بإصابته".

أما عبد الجليل الرجل ذو الـ 50 عاما بجلبابه الصعيدى وبشرته السمراء التى تتخللها ثنايا بيضاء تذكرك بأنه حين جاء من بلدته فى الشرقية كان ذو بشرة بيضاء، فيختصر كل الكلام فى جملة واحدة قائلا: "الحكومة دوما تتحدث عن محدودى الدخل ونسيونا واحنا معدومى الدخل، والواحد فينا مالوش دية، وصحته هية رأس ماله واستثمار صحتى وقوتى فى أعمال الهد والبناء جابنى الأرض، صحيح كنت بكسب كتير لكن يوم وأقعد عشرة أصرف فيه اللى بكسبه".

أما شردى فهو الأحدث وسط مجموعة من الرجال تفترش ميدان الأردنية بمدينة العاشر من رمضان، فجميعهم ذوو ملامح يسم بها الفقر أصحابه، وجوه شاحبة بها خطوط وتجاعيد خطها الخوف من الغد الذى لا يعلمون عنه شيئاً، واليوم الباهت كحياتهم، والميدان ملاذهم الأخير للرزق.

يروى لك عم صابر الذى أعد لنفسه نصبة شاى بجوار الميدان ليقتات منها يعمل الشاى وبعض الساندويتشات التى لا تزيد عن الفول والطعمية والجبن الأبيض، ويقدر سعر كوب الشاى العادى بخمسة وعشرين قرشا، أما الشاى الكشرى فالكوب منه بخمسين قرشا، كيف يبيتون فيها مفترشين قطعا من الكارتون فقط فى الصيف، ويستزيدون بقطعة من الخيش السميك للغطاء فى أيام الشتاء، وتزداد معاناتهم فى أوقات المطر التى يضطرون فيها للاحتماء بمظلات المحال المصطفة على الجانبين حتى تجف الأرض فالميدان هو مقر عملهم حيث يجلسون فيه بجوار بعضهم البعض منذ الصباح الباكر وعيونهم مركزة على السيارات التى تقف بالقرب منهم، حتى إذا ما وجدوا سيارة تتباطأ أمامهم هبوا إليها هبة رجل واحد مندفعين إلى صاحبها، الذى غالباً ما يحمل إلى بعضهم بشرى الرزق، لتبدأ المفاوضات على الأجر.

ويكمل عم صابر، أنه كان صاحب السيارة مقاول أنفار يبحث عن عدد من عمال التراحيل لحفر قواعد أساس إحدى البنايات، أو هدم خرسانة أو غيرها من أعمال المعمار، تكون المفاوضة على الأجر قاسية، حيث يفرض شروطه ويهددهم بين الحين والآخر بتركه لهم والبحث عن غيرهم لعلمه بمدى حاجتهم، وتكون المفاوضات حول السعر أقل وطأة إذا كان صاحب السيارة شخصاً عادياً يبحث عمن يهدم له حائطاً أو يحمل ردماً من منزله. وغالباً ما يتراوح الأجر بين 25 و40 جنيها فى اليوم الواحد لكل عامل منهم. وكل واحد منهم وشطارته، ليعودوا فى المساء "مهدودين" يرتمون على أرض الميدان ويلتحفون السماء غطاءً لهم.

بجوار عم صابر تجلس زوجته التى لا ينتهى دورها عند تقديم الشاى والطعام فقط ولكنها تقدم خدمة أخرى لمن يريد، حيث تغسل ثياب العمال المتسخة فى منزلها وتعيدها لهم نظيفة مقابل بعض المال واصفة حالها بقولها "كله بيسترزق".

وأكد تقرير صادر عن مركز الأرض أن عددهم يقدر بنحو نصف مليون فرد، وينتمون إلى فئة العمالة المهمشة، ويطلقون عليهم فى بعض الأحيان «الأرزقية» وهو تعبير يعنى فى مصر من يعمل بيده فى مهنة لا دخل ثابت لها وليس لها ما ينظمها من قوانين، وبالتالى فلا تأمين له ولا حماية، ولا علاج.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

وزير القوى العاملة العاطل ........يجب ان نرجعهم فلاحين ارض تانى ؟؟

لموهم من الشوارع فى مزارع من جديد ..

عدد الردود 0

بواسطة:

aml

فين الحل

عدد الردود 0

بواسطة:

ناصر عبد الدايم

لا حياة لمن تنادي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة