أواصل مناقشة «أبناء 30 يونيو الغاضبين» الذين عارضوا حكم جماعة الإخوان بكل قوة، وعملوا من أجل لحظة 30 يونيو، وخرجوا يومها، لكنهم الآن غاضبون منها وبعضهم يعلن ندمه.
تحدثت فى اليومين الماضيين عن لجوء جماعة الإخوان خلال فترة حكم مرسى إلى ورقة الطائفية للعب بها، لكن وكما كتبت أمس فإن المثير فى هذا المسار هو أن هذه الورقة هى أداة الجماعة الرئيسية والأهم طوال تاريخها، ففى أول اجتماع لمجلس شورى الجماعة فى الإسماعيلية يوم 16 يونيو 1933، وحسب مذكرات «الدعوة والداعية» مؤسس الجماعة ومرشدها الأول حسن البنا، ناقش الاجتماع قضية «التبشير» و«تنصير المسلمات»، ووفقا لتقارير ناقشها الاجتماع فإن فتيات فى «المنزلة» بمحافظة الدقهلية يتعرضن للتنصير، وأن مدرسة السلام البروتستانتية هى التى تقوم بذلك، وطبقا لما جاء فى التقارير: «شرعت المدرسة فى تنصير إحدى بنات العائلات الفقيرة، ولولا فضل الله علينا وعلى تلك العائلة المنكوبة فى مرض عائلها وقلة حيلة زوجها لأى نوع من أنواع الكسب لنفذ غرض جمعية التبشير فى الابنة القاصرة»، ويشير التقرير إلى تشكيل لجنة ترأسها نائب الجماعة فى المنزلة، وتوجهت إلى منزل العائلة، وحاولوا إقناعهم فلم يفلحوا لشدة ما أصابهم من تغاضى المسلمين عن حالهم، لكن بعد مجهودات غير قليلة بعون الله وتوفيقه تم الاتفاق مع والدى الفتاة على سحبها من المدرسة، والفتاة المذكورة اسمها «أفكار منصور».
يستوقف النظر هنا أن الفتاة تم سحبها من التعليم، وذلك بضغوط من «الجماعة» فى المنزلة، وتعامل الاجتماع مع القضية بوصفها الخطر الأكبر على مصر والإسلام، فقرر رفع مذكرة إلى الملك فؤاد ورئيس الوزراء ووزير الداخلية وشيخ الأزهر، وجاء فى المذكرة المرفوعة إلى الملك: «نرفع أصدق آيات الولاء والإخلاص للعرش المفدى ولجلالة الملك وسمو ولى عهده المحبوب، ويلجئون إلى جلالتكم راجين حماية شعبكم المخلص الأمين من عدوان المبشرين الصارخ على عقائده، وأبنائه وفلذات كبده بتكفيرهم وتشريدهم وإخفائهم وتزويجهم من غير أبناء دينهم»، وطالبت المذكرة بفرض الرقابة الشديدة على المدارس والمعاهد والدور التبشيرية والطلبة والطالبات فيها إذا ثبت اشتغالها بالتبشير، وإبعاد كل من يثبت للحكومة أنه يعمل على إفساد العقائد وإخفاء البنين والبنت، والامتناع عن معونة هذه الجمعيات بتاتا بالأرض والمال.
حدث هذا عام 1933، والذى لم يختلف فى شىء عما رأيناه فيما بعد، أى اللعب بالورقة الدينية فى جانبها الطائفى، وكان رائحة حكم مرسى تفوح بذلك، فهل كنا لنصمت؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة