التاريخ يقول «لا» فمنذ أسس الإنجليز الحركة سنة 1928، دخل الإرهاب الدينى مصر ولم يخرج منها حتى الآن، وكان نصيب الأنظمة السياسية التى تصالحت معهم الغدر والخيانة، تحالفوا مع الملك ضد القصر ومع القصر ضد الملك، وخانوا الاثنين وقتلوا النقراشى والخازندار، واقتربوا من جمال عبد الناصر ولكنه أطاح بهم عندما طلبوا فرض الوصاية على قرارات مجلس قيادة الثورة، ووصلت المواجهة بينه وبينهم مرحلة «قطع الرقاب»، سنة 1965 فأعدم سيد قطب وألقى بقادتهم فى السجون والمعتقلات، أما الرئيس السادات فأفاق من حلم ترويضهم مرتين، الأولى نجا منها سنة 1977 واعترف فى خطاب علنى أنه كان على خطأ عندما تحالف معهم، وفى المرة الثانية اغتالوه فى المنصة يوم احتفاله بنصر أكتوبر، وعن مبارك فحدث ولا حرج فقد مارسوا ضده كل صنوف التشفى والانتقام بعد تركه الحكم.
دماء الشهداء تقف حجرا عثرة ضد الصلح مع الإخوان، وأهالى الضحايا وزوجاتهم وأبناؤهم وآباؤهم وأمهاتهم ينتظرون القصاص العادل حتى تهدأ أرواحهم عند بارئها، وقد صبروا على طول إجراءات التقاضى ولم يفقدوا ثقتهم فى العدالة، ومع توالى صدور الأحكام إزاء تعدد الجرائم، يتأزم الموقف القانونى لقيادات تلك الجماعة، ويواجه الحرس القديم مصيرا أسود لا يمكن الفكاك منه، وحتى الآن لم يصدر عنهم بيانا يشجب العنف والإرهاب وإراقة الدماء ويعطى فرصة للتهدئة والتفكير، بل يمارسون التهديد والتصعيد والقنابل والمتفجرات.
الصلح مع الإخوان اصطلاح مرفوض من الأساس، لأنهم يضعون جماعتهم مع الدولة على قدم المساواة، وكأنهم خرجوا من حرب ضد دولة معادية، ويستجيبون لمبادرات وقف إطلاق النار وفض الاشتباك، وهذا مقتلهم لأن الدولة هى صاحبة السيادة، وذراعها الطويلة قادرة على ردع أى جماعة تمارس الإرهاب وتهدد الأمن والاستقرار، وزاد الطين بله بمبادرات الخرف التى يطرحها عواجيز الخارج مثل الغنوشى والمرزوقى، وتشبه إلى حد كبير انفصال أجدادنا عن الواقع حين كانوا يعطونا جنيها، ويتصورون أنه مازال يشترى عشر بيضات ورطلين لحمة وقمع سكر وباكو شاى مبروكة، ولا يريدون أن يفهموا أن شرعية مصر هى الشرعية الوحيدة الباقية، وغير ذلك إلى زوال.