بدأ أودن مسيرته ثائراً، يؤمن بالصراع الطبقى، والتبشير بقيام الثورة، وانتهى به المطاف، صوفياً مسيحياً محافظاً، يرى الخلاص فى الانزواء الروحى، ظلّ يصرّ على أن الشعر لا وظيفة له خارج دائرة كونه شعراً، وكان يطالب بفصل الشعر عن السياسة، مع قصيدة «تقسيم» التى ترجمها سعدى يوسف مؤخرا نشاهد مصير الذين قسمونا:
كان طليقاً، فى الأقلّ، آنَ وصلَ، لأداءِ مَهمّتِه
فى هذه البلادِ التى لم تقعْ عيناه عليها
البلاد التى كُلِّفَ تقسيمَها
بين شعبَينِ متعاديَينِ
ذوَى قُوْتٍ مختلفٍ، وآلهةٍ خصيمةٍ.
فى لندن، قالوا له : الوقتُ قصيرٌ. ولم يَعُدْ، ثمّتَ، مجالٌ للمصالحةِ أو النقاشِ المنطقىّ.
الحلُّ الوحيدُ، الآن، هو فى الانفصالِ.
ويعتقدُ نائبُ الملِكِ، كما سترى فى رسالتِهِ، أنّ من الخيرِ ألاّ تُرى برفقتِهِ كثيراً.
هكذا أعددْنا لكَ ترتيباتٍ أخرى.
سنعطيكَ أربعةَ قُضاةٍ تستشيرُهم، اثنان من المسلمين، واثنان من الهندوسِ
لكنّ القرارَ الأخيرَ يظلُّ قرارَكَ أنتَ».
هو مقيمٌ، الآن، فى منزلٍ ناءٍ
يحرسه رجالُ الشرطةِ، ليلَ نهارَ
خشيةَ الاغتيالِ،
وهو يعملُ، بهمّةٍ، ليقرِّرَ مصيرَ الملايين.
الخرائطُ التى بين يديه قديمةُ العهدِ
ونتائجُ الإحصاءِ غيرُ دقيقةٍ،
لكنْ ليس لديه متّسَعُ وقتٍ لتدقيقِها
أو لتفتيش المناطقِ المتنازَعِ عليها.
كان الجوُّ حارًّا حدّ المخافةِ
وهو مصابٌ بالدوزنتاريا.
لكنّ المسألةَ انتهتْ بعد سبعةِ أسابيعَ.
الحدودُ قُرِّرَتْ،
والقارةُ قُسِّمَتْ، إنْ خيراً، وإنْ شرّاً.
فى اليوم التالى أبحرَ، عائداً، إلى إنجلترا،
حيثُ نسِىَ، القضيّةَ، سريعاً
كما ينبغى لمحامٍ جيّدٍ.
وقد أخبرَ «النادى»
أنه لن يعود إلى هناك
خوفاً من إطلاقِ النارِ عليه!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة