بدأت فى الأيام الماضية سرد قصة استقالة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين من منصبه عميدا لكلية الآداب جامعة فؤاد الأول «القاهرة» عام 1938، بسبب احتجاجات جماعة الإخوان ضده لتدريس قسم اللغة الإنجليزية مسرحية «جان دارك» للكاتب البريطانى برناردو شو، وكتاب «أحاديث خيالية» لـ«لاندرو»، واستقالة طه حسين احتجاجا على قرار الحكومة بإلغاء تدريس الكتابين، وأستكمل قراءة كتاب «ما بعد الأيام» للدكتور محمد حسن الزيات وزير خارجية مصر أثناء حرب أكتوبر 1973 وزوج ابنة طه حسين. فى الوقت الذى دعا فيه الدكتور محمد حسين هيكل، وزير المعارف، الدكتور طه حسين لمقابلته لمناقشته فى أمر استقالته من منصبه عميدا لكلية الآداب، اقتحم طلاب جماعة الإخوان المدرج الكبير بالكلية يهتفون بسقوط الكلية وحياة الإسلام، فاتصلت إدارة الكلية ببوليس الجيزة تستنجد، وتطالب حماية الكلية وحمايتهم من المتظاهرين وهم من طلاب الجامعة، لكن معهم شباب من خارج الجامعة، ومعظم هؤلاء ينتمون إلى جماعة الإخوان، لكن البوليس يعتذر بحجة أنهم لا يستطيعون حماية الكلية لعدم توفر القوة الكافية.
لم يقتصر المهاجمون فى اعتدائهم على «المدرج الكبير»، وإنما امتد الهجوم إلى باقى مدرجات الكلية، وقاعات البحث، مع هتافات تتعالى ضد الكلية، وحسبما يذكره «الزيات» فى «ما بعد الأيام»، فإن المهاجمين صعدوا سلم الكلية متجهين إلى غرفة طه حسين الذى كان موجودا فيها وحده، وكانوا يرددون هتافات «فليسقط الأعمى»، على اعتبار أنه كفيف.
حاول المهاجمون اقتحام غرفة طه حسين، لكن بعض السعاة وموظفى الكلية منعوهم، وخرج عدد من الطلاب فى أقسام الكلية من محاضراتهم وتوجهوا أمام غرفة «العميد» لحمايتها من المهاجمين، وتصاعد الموقف الذى يقول عنه الزيات: «يرتفع الضجيج من المهاجمين وتتعالى الهتافات وبعضها قبيح شديد الإسفاف، مهين للطلبة، جارح للطالبات، وأخيرا يتمكن طلاب الآداب وموظفوها من إجلاء الطلاب».
نحن بهذا الشكل نتكلم عن حدث جرت وقائعه عام 1938، وهو يكاد يكون مكررا مع اختلاف الأسباب فى الجامعات بدءا من سنوات سبعينيات القرن الماضى، وزادت فى سنوات الثمانينيات، حيث تحالف طلاب الجماعات الإسلامية والإخوان والجهاد فى كل الجامعات المصرية، لمنع الأنشطة الفنية والثقافية باستخدام الجنازير والسكاكين والآلات الحادة كوسائل تهديد لمن يخالفهم فى هذا الأمر، وكان ذلك يتم بالتواطؤ مع الأجهزة الأمنية، ورأينا طبيعة المظاهرات التى تمت داخل الجامعات بعد فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة.. ونتابع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة