مكافحة الفن الهابط أشبه بمكافحة الحرائق يجب أن تغطيها بالتراب وتخفيها بالبطاطين وتمنع عنها الهواء والأوكسجين، أما فتح الشبابيك و«الصوات» على الأبواب ونشر الموضوع فى الصحف والفضائيات فهو أشبه بإطفاء النيران بجركن بنزين. فلم نكن نشعر بفرق بين سيب إيدى وسيب رجلى أو دق الكمون ودق الكفتة، كانت مجرد أغنية تافهة وضيعة تائهة على اليوتيوب لا يراها إلا من يبحث عن هذا الهراء لا فرق بينها وبين آلاف الأغانى والمقاطع البورنو التى ينتجها الغرب للمتخلفين المكبوتين من سكان العالم الثالث. وتحت ستار العفة والتوبة والرفض وكشف البهتان خرج فرسان الإعلام المصرى وكأنهم اكتشفوا موقع يأجوج ومأجوج وليس مجرد موقع أغنية تافهة وسافلة لمطرب أخنف وراقصة حامل. وأصبحت الأغنية حديث المدينة وحوار العوام والمثقفين. وبدلا من أن تترك مدفونة مع أمثالها من القاذورات والمخلفات الفنية التى لا يراها إلا الآلاف من الجهلاء البلهاء أصبحت الآن من أشهر الأغانى والكليبات وأصبح الباحثون عنها بالملايين وصارت أغنية الموسم والناس الرايقين، بل تذاع أحيانا فى الكافيهات والمطاعم والأماكن العامة، لذلك فناشر الفاحشة أسوأ من فاعلها، فلا هذا المطرب كان يتصور ولا هذه الراقصة كانت تصدق أن يصبحا فجأة أشهر من ميدان التحرير. وهل يدرك الإعلام مسؤوليته فى الترويج لتلك الفواحش؟ فحتى لو خرج المذيع وعلى وجهه نظرة ذهول وبراءة الأطفال وفى صوته نبرة ملاك نزل فجأة للأرض، وهو يلعن ويشجب ويسب فى هذا الفن الأعوج الداعر المقيت ويصرخ فى الميكروفون يدعو الناس لدين جديد ويطالبهم بأن يحطموا الأصنام ويتوقفوا عن مشاهدة هذه الفواحش لأنها ليست فنا ولا إبداعا ولا تليق!! فمن قال لسيادتك، إن من يجرى وراء هذه الأغانى يبحث عن إبداع أو فن أو أنه لا يدرك أن هذه الدعارة لا تليق؟ من قال لسيادتك إن الناس لن تهتم بمشاهدة هذه الأصنام قبل أن يحطموها وقد تعجبهم ويحبونها؟ والأهم من كل ذلك أن الأهداف متشابهة والغاية تبرر الوسيلة فصناع هذه الأغانى يسعون إلى الانتشار باللعب على غرائز الجمهور وميولهم الجنسية المكبوتة. وبالمثل فإن صناع برامج الفضائيات يسعون إلى الانتشار عن طريق الاعتراض على هذه الأغانى ونشرها بين الناس واستغلال واستنفار ميولهم الغرائزية. الموضوع أشبه بصاحب مسرح يعرض أجساد الفتيات العاريات تحت عنوان (شوفوا قلة الأدب والبجاحة) فيا سادة لا تعيشوا فى دور المشايخ والأولياء ولا تتصوروا أنكم تكافحون الفاحشة حين تنشرونها بين الناس أو حين تروجون لها، ولو بالشجب والرفض، فهى غالبا ما تكون مثل الفتنة النائمة، وكلنا يعرف كيف يلعن الله من يوقظها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة