شباب اليوم لم يعيشوا أيام الهزيمة ولم يتجرعوا مرارة الانكسار، ولم يعرفوا معنى أن ينام الوطن وقطعة غالية من أرضه لا تبيت فى أحضانه، والذى يجب أن نتذكره بعد مرور 48 سنة هو حلاوة الانتصار وليس مرارة النكسة، فالمشهد كان مأساويا ومروعا فى يونيو 1967، وآلاف الدبابات المصرية يتم تدميرها فى صحراء سيناء، والجنود المصريون يفرون هاربين من طائرات الهليكوبتر التى تصيدهم كالعصافير وتقودها إسرائيليات، وجثث الشهداء الأبرار تنهشها الكلاب المتوحشة.. وفى ست سنوات فقط استطاع الجيش الذى هُزم دون أن يحارب، أن يحارب وينتصر ويقتحم قناة السويس رافعا علم مصر وسط صيحات مقاتليه الشجعان «الله أكبر.. الله أكبر»، وشتان بين مرارة الهزيمة وحلاوة الانتصار.
الهزيمة «خنقت» جيلا من المهزومين، وحطمت فى أعماقهم الحلم القومى الكبير، وفجرت فى نفوسهم اليأس والإحباط، فلم يكن أمام الشباب الذى انتحرت أحلامه إلا اللجوء إلى السماء، وتلقفتهم جماعة الإخوان من داخل السجون والمعتقلات، ومدت بينهم وبينها الحبل السرى للتطرف والإرهاب، وبعد مرور قرابة نصف قرن مازالت هزيمة يونيو هى الحصاد المر الذى نتجرعه الآن.
فى ذكرى 5 يونيو يجب أن نسترجع روح 6 أكتوبر فى الظرف الصعب الذى تعيشه البلاد الآن، فهى التى داوت الجراح وقضت على العار وعقدة النقص وأنهت أسطورة التفوق التى يشعر بها العدو، والمصريون شعب تصقلهم المحن والأزمات بشرط أن يجدوا القيادة التى يلتفون حولها وتحقق آمالهم وطموحهم، وتوقظ فى أعماقهم معانى الكرامة والحرية والكبرياء، ولا يمكن بناء دولة قوية دون جيش قوى قادر على الدفاع عن تراب مصر، وحافظ على قوته وتدريباته وقدرته القتالية، وهذا الجيش الذى يحقق انتصارا تلو انتصار، هو الدرع والسيف ويحفظ للوطن سلامة أراضيه ويرد عنه المؤامرات الكبرى، ويخوض الآن حربا مقدسة لتطهير سيناء من بقايا الإرهاب والاحتفال بانتصار جديد.