الوزراء فى مصر يهتمون بتسجيل إنجازاتهم أكثر بكثير من اهتمامهم بالقيام بها، وكأن التسجيل فى حد ذاته مهمة قومية، فتجدهم يطبعون الكتيبات والكتب عن إنجازات الوزرات، وينشرونها فى الصحف ويذيعونها فى الفضائيات كتصريحات سيادية، وسواء كان أداء الوزارة جيدا أو «منيل بنيلة»، فالإنجازات لا تتغير، لا تقل ولا تنضب، فأى حركة لمعالى الوزير قد تعتبر إنجازا حتى لو دخل الحمام، بل إن بعض الوزارات تحدد حجما وعدد تحركات الوزير بالأرقام، فيقال مثلا إن معاليه قام بزيارة مائة موقع تنفيذى أو قابل فى مكتبه ألف مسؤول كبير أو ألف متظلم صغير، فهل المفترض أن يتم تعيين الوزير ليجلس على السرير فى البيت، بحيث نعتبر أن أى زيارة له أو مقابلة معه «إنجاز»، وهل يفهم المسؤولون فى مصر أن كلمة إنجاز لا تطلق إلا على الأعمال الاستثنائية الصعبة وأحيانا الخارقة، فأهم إنجازات خوفو هو الهرم الأكبر، فهل المقابلات والزيارات هرم أكبر، أم أننا أمام ناس (بتستعبط)، والغريب أن معظم الوزارات تعتبر أن قيامها بعملها أو تقديم خدمتها إنجازا، فتجد فى سجل الإنجازات أن وزارة الصحة مثلا عالجت (عشروميت) فرد، فهل كان من المفترض أن تصوت وتلطم علينا ونحن مرضى، فيصبح الإنجاز أن تعالجنا، ثم كيف يعتبر إنجازا إذا كنا لا نعرف هل الـ(عشروميت) نسبة مقبولة أم مرفوضة تكفى أو لا تكفى، وكم واحد منهم تلقى العلاج ومات، وطبعا الموت لا يمكن أن يكتب فى إنجازات أى وزارة حتى لو كانت الداخلية، فالموت عند المسؤولين فى مصر لا يخرج عن نطاق سوء الحالة الصحية، حتى لو مسجونين على ذمة قضية، أو يتم علاجهم بلا معدات أو أدوية، على أى حال نرجع لسجل الإنجازات الذى يستفز الآن الكثير من المواطنين، فنحن يا سادة نحتاج لإنجازات حقيقية تصل لنا فى الشوارع، وتوفر لنا حياة كريمة، وتوفر لأبنائنا فرص عمل وأملا فى مستقبل أفضل، نريد إنجازات نشعر بها فى الحد من الغلاء والفساد والاحتكار، إنجازات حقيقية (وليس كلام جرانين) نراها فى خدمات الصحة والتعليم والبيئة، أما تنقلات سيادتكم ومقابلاتكم وأرقامكم العشوائية فلا تلزمنا، بل نراها عودة بائسة لأيام مبارك والإنجازات الورقية، حينما كانت الناس محروقة فى بيوتهم وعلى وشك الانفجار، وسجل الإنجازات يؤكد أن المصريين أسعد ناس على وجه الأرض.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة