لم يفهم الإخوان «سر مصر» وهو التعايش السلمى الهادئ بين مكونات شعبها، وسعوا إلى الصراع وليس التنافس، دون أن يدركوا أن هذا البلد الذى يعيش فيه 90 مليون مواطن، لا يستطيع أن يتحمل ضريبة أطماعهم فى الحكم، فبادر بالتخلص منهم قبل أن يمزقوا نسيجه، حسم المصريون منذ زمن قضية الوحدة الوطنية، وارتضوا أن تكون علاقتهم بشركاء الوطن الأقباط على قاعدة المواطنة والمساواة فى الحقوق والواجبات، وكان المسمار الأول فى نعش الإخوان هو محاولتهم إشعال الصراع الطائفى والانتقاص من حقوق الأقباط، وخاب سعيهم فى افتعال معارك تشق وحدة الصف، وفوجئوا أن مسلمى مصر هم أول المدافعين عن الأقباط، وأن الأقباط فى وقت المحنة لم يستقووا بالخارج، وإنما بأحضان الوطن، والتحم عنصرا الأمة ضد العدو المشترك، جماعة الإخوان وأهلها وعشيرتها.
وحسم المصريون منذ دخول الإسلام مصر قضية الصراع المذهبى، فلا سنة ولا شيعة، وإنما مسلمون تكتسى ممارستهم للشعائر بالسماحة والهدوء وليس العنف والقسوة، ولما حاول مرسى وجماعته استنساخ الصراع السنى الشيعى فى مصر، اصطدم بحائط صد قوى، وأسرعت الدولة المصرية بالانتصار للقانون وقدمت قتلة الشيعى حسن شحاتة للمحاكمة، رغم اختلاف الجميع مع منهجه وأفكاره، ولكن لا يمكن أن يتركوا مصير بلدهم للفوضى والقتل خارج القانون، وفقد الإخوان أدنى درجات التعاطف من أى مصرى مسلم، استشعر الخطر الإخوانى الداهم الذى يهدد بلاده.
لم يفهم الإخوان «سر مصر» فى قبولها الآخر، علمانيين وناصريين وشيوعيين ويساريين وتيارات سياسية مثل ألوان الطيف، ومارسوا سياسة الإقصاء والإبعاد والتصنيف والتفرقة، وكانوا متعجلين جدا لالتهام كعكة السلطة بأقصى سرعة، فانحشرت فى ذورهم وكتمت أنفاسهم، ووحدت ضدهم كل فصائل المجتمع، فمصر أكبر من أن تحتلها جماعة وأقوى من يقهرها تنظيم، وظهرت فى وقت الشدة مجموعة الدروع الواقية، التى تحمى مصر دائما فى أوقات الشدة والأزمات، لم يفهم الإخوان لماذا حقق رصيد كراهية المصريين لهم رقما قياسيا، رغم أن حكمهم لم يستمر أكثر من عام، ولا لماذا خرج المصريون بالملايين فى 30 يونيو، وهم مستعدون للتضحية بأرواحهم حتى يستردوا بلدهم، ولا لماذا كان الشعب مطمئنا أن الجيش سوف يتدخل فى الوقت المناسب؟.. وللحديث بقية.