محمد أبو الفضل يكتب: تعرى الجسد وتعرى الأفكار

الإثنين، 08 يونيو 2015 08:00 ص
محمد أبو الفضل يكتب: تعرى الجسد وتعرى الأفكار ورقة وقلم - صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يا له من شعور محرج ومؤسف بل ومؤلم جدا حين تتعرى فجأة أمام الناس‮!! ‬ويرى الناس عيوب جسدك التى‮ ‬لطالما أخفيتها بأحلى الملابس،‮ ‬مدركين أن‮ ‬تعريك لم‮ ‬يكن بقصد منك‮!! ‬ولكن قد‮ ‬يصدف أن تنكشف ملابسك دون أن تعلم وينظر إليك الناس نظرة لا تحسد عليها،‮ ‬نظرة كلها استغراب وتعجب‮!! ‬فتنكشف لهم عيوب في‮ ‬جسدك التى‮ ‬أخفيتها عنهم طويلا‮.. ‬وحدك كان من‮ ‬يراها بينه وبين نفسه‮.. ‬فما هو شعورك وقتها وحينها؟ أنا على‮ ‬يقين بأنكم لا تريدون حتى مجرد التفكير بهذا الأمر بسبب فظاعة وقسوة الشعور‮.. ‬لذلك اعتذر‮ ‬منكم لوصفى‮ ‬هذا‮ ‬ولكن قد تستغربون بان هذا الإحساس قد‮ ‬يعيشه كل واحد منا‮ فى‮ ‬لحظة من اللحظات أو فى‮ ‬أى‮ ‬موقف من المواقف‮ أن التعرى‮ ‬الذى‮ أقصده ليس تعرى‮ ‬الجسد وظهور عيوبه أمام الناس‮ ‬ولكن ما قصدته هو تعر آخر مخالف تماما لما ورد فى‮ ‬أذهانكم الآن‮ ‬ما اقصده هو تعرى‮ الفكر والرأى‮ ‬والموقف‮ لبعض الشخصيات الكبيرة من وزراء ونواب وقياديين وحتى الخطباء والمؤثرين فى‮ ‬المجتمع أمام الناس وعلى الملأ‮.. ‬فعندما‮ ‬يكونون فى‮ ‬مقابلة أو لقاء تلفزيونى‮ ‬أو صحافى ‬أو إذاعى‮ ‬أو حتى عندما نلتقى‮ ‬ببعض هؤلاء الأشخاص فى‮ ‬ندوات ومؤتمرات وتدور بيننا وبينهم أحاديث ونقاشات ومواضيع هامة حول الأحداث الجارية فى‮ ‬المجتمع أو في‮ ‬العالم ويتم طرح هذه المواضيع ‬للنقاش وللحوار‮ ‬والكل‮ ‬ينتظر منهم الإجابة‮ ‬والرد والتعليق‮. ‬لتوضيح موقفهم وقرارهم الذى‮ ‬سيتخذونه في‮ ‬هذا الأمر‮.. ‬حينها‮ ‬ينكشفون أمامنا ويتعرون ‬لأنهم‮ ‬يتكلمون بما لا‮ ‬يفهمون ويصرحون‮ ‬بما لا‮ ‬يعرفون ويجهلون القوانين وشرعيتها ودستوريتها‮. ‬والمخزى‮ ‬إنهم‮ يوعدوننا فى‮ ‬مقاراتهم الانتخابية عندما كانوا مرشحين ويخذلوننا فى‮ ‬جلساتهم البرلمانية عندما‮ ‬يصبحوا نواب الأمة‮. ‬هنا ما اقصده من تعر‮.. لقد كنت أقصد عرى‮ ‬المعرفة والفكر والمعلومة والرأي‮ ‬السديد‮ ‬وعرى‮ ‬فى‮ ‬المواقف الثابتة،‮ ‬وللأسف هذه حالة أغلبيتهم‮.. ‬وفعلا هم ابتلاء وبلاء على البلاد والعباد،‮ ‬وللأسف أن هذه الغالبية هم من‮ ‬يقررون لنا مصيرنا وهم من‮ ‬يصرحون عنا وهم من‮ ‬يناشدون لمصالحنا ويطالبون ويشرعون قوانين لحقوقنا ويخططون لمستقبل أبنائنا‮.. ‬والحقيقة انهم من بحاجة إلى من‮ ‬يخطط لهم ويعلمهم كيف‮ ‬يسترون أنفسهم بلباس المعرفة والعلم والخبرة لأنهم عراة الفكر والعلم‮. ‬فنحن‮ ‬تنكشف لدينا كل‮ ‬يوم ومع كل موقف عيوبهم التى‮ ‬ستروها بلباس جميل ومغر للجميع وهو لباس الشهرة والمنصب ولباس‮ ‬يفتح لهم الأبواب المغلقة وتخضع لهم رؤوس تطلب رضاهم وتتمنى قربهم والتودد إليهم‮. ‬وأيضا لباسهم الذى‮ ‬يستترون به لباس‮ ‬يجعلهم‮ ‬يبيعون ضمائرهم ويتنازلون عن قيمهم ويزعزعون ثوابتهم من اجل أرضاء من‮ ‬يلبسهم هذه الملابس الفاخرة‮.‬متناسين إنهم إذا كانوا‮ ‬ينامون وتقر أعينهم‮ ‬فهناك عين الله التي‮ ‬لا تنام،‮ ‬فسبحانه‮ ‬يرى ويسمع دعاء المظلوم الذى‮ ‬عيونه ساهرة حرقة وألما لشعوره بالظلم‮.‬

وأخيرا‮.. ‬فكم من عار‮ ‬يحتاج إلى ستر نفسه؟ وكم من متستر بلباس ليس لباسه؟ وكم من‮ ‬يتطلع إلى لباس اكبر منه؟ وكم من محتشم‮ ‬بملابسه أدبا وتواضعا وعلما وثقة بما لديه من علم ومعرفة‮.

‬والنهاية الثراء والشهرة والمنصب لا تستر عيوبنا،‮ ‬وإنما العلم والمعرفة والخبرة والبحث وراء الحقيقة هى‮ ‬اللباس الذى‮ ‬يزين صغار القوم ويدخلهم على الكبار بكل هيبة ووقار،‮ ‬ختاما قال تعالى‮: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات‮) ‬صدق الله العظيم‮.‬








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة