منذ تعيين الدكتور عبدالواحد النبوى وزيرا للثقافة ولا يشغل بال الوسط الثقافى شىء سوى توقع مصير قيادات وزارة الثقافة الحالية، فالوزير الجديد الذى قوبل برفض عريض من قطاعات واسعة من المثقفين كان أمام ثلاثة خيارات، الأول هو أن يحافظ على استقرار الوزارة ويتبع منهج العدالة العمياء فى تقييم قيادات الوزارة لتقرير بقائها من عدمه، وهو الحل الأمثل، والثانى أن يقيل قيادات الوزارة دفعة واحدة مثلما فعل علاء عبدالعزيز، وزير الثقافة الإخوانى الشهير، والثالث أن ينتظر حتى انتهاء مدة ندب هذه القيادات من جامعاتهم وينهى رئاستهم لقطاعات الوزارة وهيئاتها، وهو الحل الذى بدا أنه الأقرب فى ظل عدم رغبة «النبوى» فى التعامل مع قيادات الوزارة الحالية وهو الآتى من طابور قيادات الصف الثانى للوزارة والذى عمل تحت رئاسة بعض هذه القيادات بشكل أو بآخر.
اختار النبوى الاختيار الثالث، لكن الأيام لم تمهله كثيرًا فوقع اشتباك حاد بينه والدكتور أحمد عبدالغنى، رئيس قطاع الفنون التشكيلية الأسبق، تقدم عبدالغنى على أثره باستقالته من القطاع وترك الوزارة بعد إصدار بيان شهير تبادل فيه الاتهامات مع الوزير الذى لم يكن حبر تعيينه وزيرا قد جف بعد، وهنا أصبح الجميع على علم باقتراب ساعات الصدام بين الوزير وقيادات الوزارة، وهو ما صار واقعا منذ أيام، حيث أبلغ الوزير الدكتور محمد عفيفى، رئيس المجلس الأعلى للثقافة، بعدم رغبته فى تجديد ندبه من الجامعة للوزارة، وهو ما يعنى أن عفيفى أصبح فعليا خارج الوزارة، وهو ما أكد صدق التكهنات التى كانت تدعى أن عفيفى هو أول المستبعدين من الوزارة، لأنه «أعلى علميا» من الوزير وأحد أعضاء اللجنة التى منحت الوزير درجة الأستاذية فى التاريخ أى أنه بمثابة أستاذه، فجاء قرار الوزير لتصبح التكهنات واقعا.
على أية حال فإنه من المقرر أن تشهد الوزارة هذه الأيام موجات تغيير عاتية، وقد بات مؤكدا أيضا أن الدكتور أنور مغيث سيرحل عن المركز القومى للترجمة، لكن اللافت هنا هو أن حركة التغيرات هذه صارت تغييرات بلا عنوان ولا مضمون ولا معايير، فلم يضع الوزير معايير واضحة لتولية القيادات أو الإطاحة بها، ولم يصارح الرأى العام بأسباب حرصه على الإتيان بقيادات جديدة لتخلف القيادات الحالية ليتساوى وفق هذا المنطق- غير المنطقى- من يعمل ومن لا يعمل، ويصبح «الهوى» هو المتحكم الوحيد فى مصير الثقافة والمثقفين، وما يزيد المشهد إرباكًا هو أن هناك العديد من الأنباء التى تؤكد أن هناك تعديلا وزاريا قريبا، وأن «النبوى» على رأس الوزراء الراحلين، وإن صحت هذه الأنباء فإن مصير ثقافة مصر سيصبح مهددا بحق، خاصة أن الوزارة وقتها ستكون قد فرغت من قيادات الصف الأول، ولو أتى وزير آخر فمن المؤكد أنه سيغير قيادات الوزارة «الجديدة».