بعض التفسيرات تكون مريحة لكنها لا تقدم خيطا للفهم.. ولا يحتاج الإرهاب إلى تبريرات، أو تفسيرات جاهزة، من التى اعتاد الكثير من المحللين تقديمها للإجابة عن أسئلة من أين يبدأ الإرهاب وأين ينتهى. لم يعد كافيا تقديم التفسيرات المعلبة التى ترى الإرهاب نتاج الفقر أو القمع. فى حال الكشف عن نقطة التقاء الإخوان بداعش، يمكن التعامل مع الأمر على أنه إرهاب دولى وليس محليا فقط. وهذا لا يمنع من البحث عن نقاط خلل وثغرات فى المنظومة الأمنية.
هل يمكن التعامل مع اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات على أنه عملية نوعية من الإخوان بمناسبة 30 يونيو، أم أنها عملية نفذها تنظيم بيت المقدس لصالح الجماعة؟ وهل داعش ترتبط بالإخوان وتعمل لحسابهم أم أنها تعمل ضمن منظومة تتصل بما وقع خلال الأيام السابقة من عمليات إرهابية فى الكويت وتونس وفرنسا؟
كل افتراض يفتح الباب لأسئلة أخرى مختلفة، لأنه لو كان الإرهاب ضد النائب العام مرتبطا ببيت المقدس، فالأمر لا علاقة له برد الفعل على القمع أو الفقر، لأن الإرهاب فى داعش لا علاقة له بالقمع والدليل أنه وقع فى فرنسا، ولا الفقر بدليل أن منفذى التفجيرات الإرهابية فى السعودية والكويت ومنظريها أثرياء ومن أسر مستورة، فى تونس يأتى الرد على تفسيرات تعتبر الإرهاب رد فعل لغياب الحوار.
ومن يؤيدون ويمولون داعش فى أوروبا أو الخليج أثرياء والشباب الفرنسى أو البريطانى أو الألمانى المنضم لداعش نشأ فى دول ديمقراطية وفى مجتمعات مفتوحة، ولا نقصد الدواعش من ذوى الأصول العربية والإسلامية، بل نقصد الفرنسيين والألمان والبريطانيين من أصول أوروبية، وتشير التقارير إلى أنهم انضموا لداعش بما يعنى أن هناك حاجة لتفسير هذه الانتقالات وكيف تحول الشباب فى المجتمعات الحرة والديمقراطية إلى وقود لداعش والتنظيمات الإرهابية؟
وهؤلاء الشباب ينسفون تماما نظريات كون الإرهاب رد فعل للقمع أو الفقر، ويعيد إلى السؤال حول من وراء اغتيال النائب العام، ولو كان بيت المقدس، فالأمر يشير إلى علاقة بين التنظيم والإخوان الذين يظهر من رد فعلهم وشماتتهم واحتفالاتهم بالقنوات التركية والجزيرة أنهم يعتبرون اغتيال النائب العام إنجازا. جماعة الإخوان هى الأب الروحى والمؤسس للعنف الدينى فى العصر الحديث، وهى التى وضعت الأسس التى استندت عليها تنظيمات الإرهاب الكبرى خلال سبعين عاما وأكثر، لكن من المهم الكشف عن نقاط الالتقاء للجماعة مع داعش وأخواتها. والمشتركات هنا تركيا وقطر وكلاهما لها علاقة مع داعش والإخوان فى نفس الوقت، لكن تعليق الأمر فى شماعة خارجية يعطى تبريرات للخلل الداخلى، وغياب المعلومات هو العامل المشترك.