جملة ختمت بها حدوتة من حواديت الطفولة، وذكرت مؤخرا على لسان «نديم فخرى» فى مسلسل مريم الذى يذاع الآن على قناة النهار، تأثرت كثيرا بالشخصية لأنها معقدة دراميا وتوقفت كثيرا عند سيناريو وحوار «نديم» فى المسلسل للكاتب أيمن سلامة وخاصة تلك الحدوتة.. يحكى أنه فى قديم الزمان.. كان هناك ملك من ملوك الشرق عرف عنه عشق العلم والمعرفة.. وفى يوم من الأيام راودته فكرة أن يعرف كل شىء عن الناس الذين عمروا الأرض.. فاستدعى وزراءه وطلب منهم أن يجمعوا له تاريخ أمم العالم.. كيف عاش الناس منذ الأزل؟وكيف يعيشون الآن؟ فيم تَحارَبوا فى الماضى.. وفيم يتصارعون؟. ما هى عاداتهم وتقاليدهم؟.. وأمهل الملك كبير وزرائه خمسه أعوام كاملة لتلبية طلبه وبدأوا يتدبرون الأمر ويقطعون البلاد طولا وعرضا يجمعون كل ما تيسر لهم من المعرفة ليضمنوها مادة الكتاب.
ومضت الأيام والسنون حتى انقضت المهلة التى حددها الملك، واجتمع الوزراء فى القصر الكبير وأتوا له بقافلة من الجمال تمتد حتى الأفق لدرجة أنه لا يستطيع أن يرى لها نهاية وكل جمل محمل بكيسين من الكتب الضخمة.. وسأل الملك ما هذا؟ فأجابه كبير الوزراء بأنه «تاريخ الأمم يامولاى.. كدحنا سنوات طويلة حتى جمعناه».. فصاح الملك فى وزرائه: هل تهزؤون منى أيها الوزراء، إنى لا أستطيع أن أطالع عشر ما كتبته حتى ولو استنفدت فى ذلك ما بقى لى من أيام فى هذه الدنيا، عليكم بإعادة كتابة هذا التاريخ بطريقة مختصرة على أن يتضمن الاحداث المهمة فقط، وأمهلهم سنة أخرى، وبعد مرور العام رجعوا بقافلة مكونة من عشرة جمال فقط.. كل جمل محمل بكيسين من الكتب الضخمة.
وثارت أعصاب الملك للمرة الثانية وصاح فى كبير وزرائه: دعهم يكتبون لى الأحداث المهمة جدا فقط التى حدثت فى جميع البلدان على مر الزمن.. ثم سأله: كم من الوقت تحتاج لإنجاز ما أمرتك به؟ فأجاب كبير الوزراء: غدا يا مليكى سوف نحقق لك رغبتك.ومع بزوغ فجر اليوم الجديد، دخل كبير الوزراء القصر الملكى حاملا فى يده حقيبة صغيرة الحجم صنعت من الخشب، قائلا: يامولاى ستجد فى هذه الحقيبة أهم الأحداث التى وقعت فى التاريخ لكل الناس فى كل العصور، وفى كل البلاد، وتناول الملك الحقيبة وفتحها بشغف كبير ليجد بداخلها قطعة صغيرة من الحرير الأبيض مثبتة فوق وسادة مخملية حمراء اللون وكتب عليها بخط جميل: «ولقد ولدوا.. وعاشوا.. وماتوا.. إلا» هكذا تروى لنا الأسطورة القديمة.. فيحلم «نديم» بأن يدخل التاريخ حتى لا يكون ضمن من ولدوا فعاشوا فماتوا، ولم يشعر بهم أحد بل يكون من ضمن من يتم استثناؤهم من هذه القاعدة بدخولهم التاريخ رغم أنهم ليسوا زعماء أو ملوكا ضاربا بمثل بشخصيات برزوا فى مجالات مختلفة ودخلوا التاريخ أمثال بيل جيتس، أم كلثوم، فيروز، بيليه، مارادونا، الخطيب، أحمد ذكى. ويبقى السؤال: من سيستثنى من القاعدة؟ من سيستثنى بالخير من عمله؟ ومن سيستثنى بالشر فى عمله؟ ومن سيكتب التاريخ من الأساس وكيف سيكتبه لكى يكون حقيقا؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة