ليس لدينا فائض وقت أو رفاهية صراع وأزمة حتى نسعى كجماعة صحفية أو إعلامية إلى إحداث صدام وإعلان «حالة الطوارئ» بسبب مشروع قانون مكافحة الإرهاب.
وهناك من حاول بكل قوته إلى دفع الأزمة بمجرد الإعلان عن مشروع القانون إلى حالة الاحتقان القصوى والدعوة إلى الإضراب قبل المرور بمراحل الحوار والتفاوض، وللأسف لم تدرك نقابة الصحفيين وبعض قياداتها ورموزها وأعضائها نوايا من سعوا إلى الوقيعة والصدام مع الحكومة والدولة بحجة الخوف والحرص على حريات الرأى والتعبير وإشعال فتيل الأزمة إلى نهايته لأغراض أخرى لا تصب فى المصلحة الوطنية التى أزعم أن النقابة الأحرص عليها قبل الحكومة، بل تصب فى صالح من يسعون إلى الخراب والفوضى التى خرجت أصواتهم كالنعيق ودعوا مباشرة إلى الإضراب ووصف مشروع القانون بأنه قمع وديكتاتورية من النظام السياسى، إلى آخره. وعلينا أن نعترف أن الحكومة كانت أذكى وأسرع فى إخماد فتيل الأزمة قبل إشعالها، وسجلت موقفا يحسب لها بالدعوة إلى اجتماع بين رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب ورؤساء تحرير الصحف والاستماع للمقترحات الخاصة بالمواد المقلقة للصحفيين والمخالفة للدستور والحوار والتفاوض حولها، وهذه الدعوة هى التى فوتت الفرصة على دعاة الصدام والفوضى والخراب وأصحاب بيانات الإرهاب للصيد فى الماء العكر بين الدولة الجديدة والصحفيين، ولا يزعم أحد أن دعوة الحكومة للحوار جاءت نتيجة ضغط حقيقى من النقابة أو الجمعية العمومية، فلم يحدث شىء سوى إصدار بيان ومطالبات ولم يحتشد الصحفيون خلف مجلس نقابتهم مثلما حدث فى أزمة القانون 96.
ولا مجال هنا للمزايدات على المواقف، وإذا كنا كجماعة صحفية ندعو إلى الغاء أية مواد تنتهك حرية الرأى والتعبير وتعاقب بالحبس فى قضايا النشر، فمن المؤكد أن هناك دورا للنقابة مازال مثل «الفريضة الغائبة» فى أداء واجباتها وممارسة كل سلطاتها بحسم تجاه الخروج على ميثاق الشرف الصحفى وعدم الالتزام بالمعايير المهنية والخروج على الأداء، فأزمة أحداث الهجمات الإرهابية على سيناء يوم الأربعاء قبل الماضى كشفت ضعفا مزمنا وعدم قدرة من النقابة على تفعيل ميثاق الشرف ومحاسبة من أخطأ فى بث أخبار كاذبة أضرت ضررا شديدا بالأمن القومى، وحتى لم يصدر بيان شديد اللهجة يأسف لأداء بعض الصحف والصحفيين العاملين فى وسائل الإعلام الأجنبية ويقرر إحالتهم إلى لجنة الانضباط المهنى. هناك إصلاح كثير مطلوب من داخل الجماعة الصحفية، وعودة النقابة إلى تفعيل دورها وممارسته فى الواقع من أجل الحفاظ على شرف المهنة من الانفلات والسيولة المفرطة وإعادة الانضباط للعاملين فيها تحت مظلة واحدة. وأظن أن ما حدث من كارثة إعلامية فى أحداث سيناء الأخيرة درس يجب أن يتعلمه الجميع وأولهم نقابة الصحفيين.