«إنهم يرفضون قانون مكافحة الإرهاب، إذن هم مع الإرهاب. الصحفيون يرفضون المحاسبة ويتصورون أن على رأسهم ريشة.. تسقط الصحافة.. قاطعوا الصحف. الصحفيون مع الإرهاب وضد الدولة».
هذه بعض الأحكام التى أصدرها مواطنون خلال الأيام الأخيرة، عندما أعلن صحفيون أن المادة 33 من قانون مكافحة الإرهاب تجدد عقوبة الحبس فى قضايا النشر، كان الرد أن الصحفيين يريدون نشر أخبار كاذبة من دون أن يحاسبوا، وضربوا أمثلة ببيانات وأخبار اتضح عدم صحتها. وكان اليوم الفاصل هو الأول من يوليو عندما هاجم الإرهابيون كمائن الجيش والشرطة فى الشيخ زويد، ونشرت وكالات أنباء وفضائيات عربية أرقاما وبيانات اتضح عدم صحتها، قبل أن تنشرها بعض الصحف المصرية، وكذبها بيان المتحدث العسكرى بعد حوالى عشر ساعات سادت فيها أخبار كثيرة.
المفارقة أن من هاجموا الصحافة المصرية ممثلة فى مواقع وصحف، لم يلتفتوا إلى أن وكالات أنباء كبرى عالمية ولها اعتبارها ومعها فضائيات عربية ودولية، هى التى نشرت المعلومات الخاطئة والأرقام الكاذبة، وأن هذه الوكالات كانت تمثل مصادر طوال الوقت، ومعها فضائيات تورطت فى الخطأ، يضاف لذلك مواقع تواصل اجتماعى كانت تنشر ومعها فضائيات كانت هناك مواقع وفضائيات معروفة بالعداء، وبالتالى يمكن كشفها، لكن اللوم وقع على المحلى وتجاهل الوكالات والفضائيات ومواقع التواصل التى يتعامل معها ملايين يتزايدون يوميا، وهى مواقع تمثل مصدرا لنفس هؤلاء الغاضبين.
بالطبع لا يمكن تبرئة بعض الصحف والمواقع من الخطأ، وأيضا ومع اعتبارات الأمن والسرية، فإن ظروف العصر والتطورات المختلفة لوسائل الاتصال، تجعل لعبة الشائعات أقوى وأكثر تعقيدا مما كانت عليه قبل عشرين أو أربعين عاما عندما كانت هناك مصادر واحدة للبيانات والمعلومات على العكس مما هو حادث الآن، وربما يكون ما جرى يوم الأول من يوليو مفيدًا فى الكشف عن وكالات وشاشات لم تعد محل ثقة كما كانت، لكن الحدث يكشف أيضا إلى أى مدى يمكن أن تمثل مواقع التواصل مصادر لنشر ما يعرض عليها سواء كان خبرا أو شائعة أو كذبة. وهو أمر يبدو أن مواجهته تتطلب ما هو أكثر من تشريعات، لأن التعامل يجرى مع مواقع مجهولة، كثير منها يبث من خارج مصر، ومن أماكن مجهولة ومتنقلة، مما يصعب فكرة المتابعة والمطاردة.
كل هذه العناصر يفترض أخذها فى الاعتبار أثناء النظر، وقبل أن يتم تحميل الصحافة المصرية وحدها المسؤولية، فى حين أن هناك أطرافا أخرى ووكالات دولية وفضائيات تنشر أولا، بل إن مواد القانون التى تمنع الصحافة المحلية من النشر انتظارا لبيانات رسمية، قد تكون مفيدة أكثر للمواقع الخارجية، لأنها سوف تنفرد بالنشر، وبالتالى هم من يصبح على رأسهم ريشة، ومازال النقاش مستمرا.