لمن يذهب الفلاح المصرى بشكواه؟
قبل أيام قرر وزير الزراعة الدكتور صلاح هلال وقف استيراد الأقطان، فهلل الفلاحون فرحا على أمل أن القرار خطوة نحو استعادة هيبة القطن المصرى فى الداخل والذى جعله محمد على باشا درة الزراعة المصرية، وجعله جمال عبدالناصر ذهب مصر الأبيض، ثم بدأت رحلة التآمر عليه منذ أن عرفت مصر تحرير الزراعة، فأصبح هما ثقيلا على مزارعيه والحكومة.
قرار وزير الزراعة لم يعجب المستوردين، فقرروا التصعيد، وطبقا لما هو منشور أول أمس فى الزميلة المصرى اليوم، فإن مجلس الوزراء يتجه إلى إلغاء القرار، والسبب أن هناك مخاوف من رد فعل سلبى من الدول المستوردة للمنتجات المصرية، وتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل على الصادرات المصرية خاصة إلى الاتحاد الأوروبى، وأن الأزمة سببها صدور قرار منفرد من وزير الزراعة بوقف استيراد القطن من جميع المناشئ المعتمدة، وقابله اعتراضات واسعة من منتجى المنسوجات.
الغريب فى هذا الكلام هو استخدام فزاعة «المعاملة بالمثل»، لأنه يقودنا إلى كارثة حقيقية تتمثل فى أنه ليس بمقدورنا أبدا عمل أى إجراء وقائى لحماية منتجاتنا الزراعية، والأغرب هو القول بأن وزير الزراعة اتخذ هذا القرار منفردا، فلا يعقل أبدا أن قرارا بهذا الشكل لم يتشاور فيه مع رئيس الوزراء إبراهيم محلب، خاصة أن القرار يمس مصالح فلاحين ورجال أعمال ومستوردين وصناع، وبالتالى نحتاج أن ننزع عقولنا من رؤوسنا حتى نصدق أن قرارا بهذا الشكل أقدم عليه وزير الزراعة وحده، وإلا فنحن أمام ارتباك حكومى صريح وتخبط فى إصدار القرارات.
القضية فى مجملها تعبر عن أصحاب المصالح أكثر من أى شىء آخر، فالحجة التى يستند المستوردون إليها مثلا، يقابلها حجة مضادة من الجمعية العامة للإصلاح الزراعى على لسان رئيسها «مجدى الشراكى» الذى قال للزميلة الأهرام فى عددها الصادر أول أمس: «الهجمة الشرسة ضد وزارة الزراعة سببها مافيا استيراد القطن»، وطالب بوضع ملف الاستيراد الزراعى بيد جهة سيادية لحماية الاقتصاد القومى، وقال إن قرار وقف استيراد القطن هو مؤقت هدفه إنقاذ المحصول الذى يحتضر منذ سنوات».
نحن بهذا الوضع أمام منطقين يعبر كل منهما عن أصحاب مصالح، ولأن الفلاح عادة هو الطرف المظلوم، أخشى أن نجده معرضا من جديد للظلم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة