من تابع مشاهد تشييع جنازة الفنان عمر الشريف فى مسجد المشير بالتجمع الخامس بالقاهرة، يصاب بحزن وحسرة، ليس فقط لفراق هذا الفنان العالمى، وإنما لهذا المشهد البائس والحضور الفقير للجنازة، التى انتظرها العالم وتناقلتها وسائل إعلامه، وكأن هناك خجلا أو غضبا من هذا الفنان، ويجب الانتهاء سريعا وبصورة بائسة حتى من لحظات فراقه وفى آخر مشهد لوداعه، وكأنه لا ستحق أن نودعه بما يليق به كفنان مصرى عربى وصل إلى العالمية والشهرة، كأول فنان مصرى يحقق هذه الشهرة منذ الستينيات، وكان صورة مشرقة لمصر فى الخارج وفى المحافل الفنية وغير الفنية العالمية، مجرد ذكر اسم عمر الشريف فى مهرجانات السينما العالمية، كان يرتبط به اسم مصر، وكان هذا النجم العالمى خير سفير لسمعة مصر بالخارج، بل كان فى شخصه وما يمثله من مكانة فى أوساط فنية واجتماعية فى عواصم العالم من واشنطن ونيويورك وباريس ولندن وروما وموسكو، يساوى عشرات السفراء فى الخارج، ولم يتخل فى لحظة عن وطنيته وانتمائه لمصر وحنينه الدائم لها، والعمل من أجلها وفى خدمتها فى أى مناسبة يتيسر له حضورها أو يدعى للمشاركة فيها.
ولولا التحضير العشوائى والارتباك الرسمى والفقر الإدارى وسوء التخطيط والإدارة، لاستضافت مصر كأس العالم 2010 الذى أصر عمر الشريف أن يكون ممثلا لبلاده للترويج لاستضافة البطولة العالمية، ولم يكن ذنبه كفنان عالمى أن يكون من حوله مجموعة من الفشلة.
ويروى أحد المقربين منه أن عمر الشريف بعد هزيمة يونيو 67 والأجواء الدولية معبأة ضد مصر بفعل الدعاية الصهيونية السوداء، أعلن مشاركته باسم مصر فى البطولة العالمية للبريدج - كان أحد اللاعبين البارعين فى هذه اللعبة عالميا - علی نفقته الشخصیة ودون أن يحمل الدولة أية أعباء مادية فى هذه الظروف الصعبة بعد الهزيمة، وأعلن لوسائل الإعلام العالمية التى تهافتت عليه أنه يشارك باسم مصر حاملا رسالة سلام من مصر للعالم أجمع، وأن مصر هى الدولة المعتدى عليها وليس كما تروج الدعاية الصهيونية.
عمر الشريف كان من الممكن أن يبقى فى الخارج، ويدفن بعيدا عن وطنه، لكنه اختار أن يعيش آخر أيامه على أرض مصر، ويدفن فى ترابها الذى عشقه، ليثبت للعالم أن موته سيكون فى الوطن الذى نشأ وتربى فيه وأحبه كما أحبه كثيرا من أبناء وطنه، ولتكتب كل وسائل الإعلام العالمية آخر لحظات عمر فى مصر، فهل بعد كل ذلك يخرج مشهد تشييع الجنازة بهذه الصورة وبهذه الكيفية المؤسفة والبائسة والفقيرة؟ تأجيل الجنازة إلى يوم الأحد أعطى انطباعا بأن هناك ترتيبات على أعلى مستوى لحضور رئاسى وحكومى غير مسبوق وبحضور كبير للفنانين المصريين والعرب وبعض نجوم السينما العالمية، لينقل العالم المشهد من مصر، ويعطى رسالة بأن مصر هى وطن الفن والثقافة واهتمامها بقوتها الناعمة من أدباء وفنانين ومبدعين لا يفتر أو يضعف أبدا، تلك هى الرسالة التى كنا نتمناها بالحضور الرسمى الرفيع لجنازة عمر الشريف.
وهنا أناشد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو رجل يعى جيدا دور الفن والفنان فى خدمة قضايا بلده، أناشده أن يصدر قرارا جمهوريا بمنح اسم عمر الشريف وسام الفنون والآداب من الدرجة الأولى، لأنه يستحق، حتى يعرف العالم أن هذا قدره وقيمته عندنا، وحتى نحاول محو المشهد السيئ للجنازة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة