محمد الدسوقى رشدى

وزير المزايدات على البشر.. الأوقاف سابقا

الخميس، 16 يوليو 2015 11:18 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يضرب الله الظالمين بالظالمين، وندعو نحن أن نخرج من بينهما سالمين، ولكن دعاءنا لم يتحقق حتى الآن، ربما ينقصه بعض من الإخلاص، وربما لأن السماء لا تستجيب لدعاء نبتته فى أرض يعاقب من يدعو فيها على الظالم بالعزل والحرمان والتخوين.

يضرب الله الظالمين بالظالمين، ولكنه لا يخرجنا من بينهم سالمين، بل يبقينا كما الذرة فى جوف الطاحون نعانى آثار الهرتلة الفكرية والقمع والنفاق والعشوائية والمزايدة وعبثية الوزراء غير المؤهلين سوى فى محاولات نفاق الرأى العام وإرضاء أهل السلطة.

شيخ متلون يكشف لنا شيخ سلطة، وشيخ سلطة ينهى مسيرة شيخ متلون، تلك هى الحدوتة فى ملخصها، ولكن لا يجوز وضع «نقطة» والبدء من أول السطر، لأن المتلون ليس شيخا عاديا، وشيخ السلطة وزيرا فى الحكومة الحالية، وما حدث بينهما ليس سوء تفاهم بقدر ما هو تعبير حقيقى عن العقلية التى تدير الأمور فى الحكومة الحالية، العقلية التى تعشق محاكم التفتيش وتوزع عليهم اتهامات الخيانة والعمالة بالنوايا، وتلك أمور لا يستقيم معها حلم إنشاء دولة قانون أو دولة محترمة أصلا.

الشيخ التايوانى محمد جبريل، هذا القارئ المتلون الذى لم يترك سلطة سياسية إلا ونافقها، ولم يترك معنى قرآنيا إلا وابتذله بالنحنة والبكاء، أصبح بطلا فى وطن يهوى صناع القرار به وأهل الإعلام فيه إحياء أنصاف القوالب، وصناعة نجوم من الهواء بخطوات عبثية وقرارات لا تدل إلا على سوء البصيرة.
هذا موقفى من محمد جبريل قبل كل شىء، هو نشاز قرآنى فى مملكة التلاوة المصرية، وارد خليجى، أراد تحطيم هوية مدرسة التلاوة المصرية، قبل أن يكون شيخا متلوناً، مدح مبارك وهاجم الثورة، ثم أصبح ثوريا أكثر من الثورة، ثم ركب موجة الإخوان، ثم عاد ليركب الموجة الجديدة ولكن وزير الأوقاف أوقف مسيرته فى التلون الأخير، ولكنه أوقفها بالطريقة البلدى، طريقة القمع المفضوح دون أن يدرى الوزير نفسه، أو المذيع الذى شارك وصلة التحريض مع الوزير ضد جبريل أنهما، الوزير والمذيع، لابد أن يشعروا بالخجل من أنفسهما بعد هذا السقوط السهل فى فخ أعده الإخوان قبل وصلتهما التحريضية بـ24 ساعة، وربح الإخوان الصفقة لأنهم راهنوا على الإعلام الساذج، وعلى الوزراء الراغبين فى لعب دور رأفت الهجان.
القصة وما فيها، أن القارئ محمد جبريل اعتاد الناس الصلاة خلفه داخل مسجد عمرو ابن العاص خلال شهر رمضان، وتحديدا ليلة القدر فى طقس تحول إلى موضة مثل كل شىء فى حياتنا، طقس يسعى خلفه الراغبون فى فقرة الدعاء الباكى من شيخ هم يعلمون جيدا أنه متلون وفى منطقة الشبهات، ومع ذلك لا يهم، إشباع رغبة النفوس بالطقوس وحلاوتها أهم من إشباع العقول بالعلم والقلوب بالاطمئنان، تلك عادة المصريين فى السنوات الأخيرة.

ذهب محمد جبريل إلى عمرو بن العاص، وتجمع الآلاف كالعادة، ونقلت وسائل الإعلام الصور كالعادة، وتحدث الناس كالعادة أيضا عن الليلة العظيم والحضور الكثيف، وتباهى الحاضرون ببكائهم وبعدد الساعات التى قضوها داخل المسجد بسبب الزحام كما يفعلون كل سنة، ثم جاءت فقرة الدعاء وسألت دموع الشيخ حبريل عند نفس المقاطع وبنفس طريقة السنوات المضية وكأنه شريط مسجل، لا روح تناجى المولى، ودعا جبريل كما يفعل كل عام، وشدد فى دعائه هذه المرة على الظالمين، والإعلاميين الفاسدين، وعلى الذين يسعون فى خراب الوطن، وعلى الذين يقتلون أولاد مصر، كلها دعوات عادية نسمعها فى كل مسجد وعلى لسان كل شيخ، ونرددها فى بيوتنا، ولكن الإخوان كانوا أذكى من الحكومة ووزير أوقافها ومن إعلام التحريض.

اقتطعوا فيديو الدعاء من سياقه، وكعادته فى نسب الأشياء إليهم، أعادوا نشر الفيديو تحت عنوان إن الشيخ جبريل يدعو على السيسى وأعوانه، وبدون أن يسمع ظهر المذيع على شاشته مصدقا لما تناوله الإخوان، منفعلا يريد إثبات وطنيته طالب بعقاب جبريل مستدعيا صور له بجوار صفوت حجازى، وكأن مصر كلها لم تتصور مع صفوت حجازى قبل وصول الإخوان للسلطة، حتى إن الصورة التى استدعاها للتدليل على خيانة جبريل أخجلته حينما ظهر بها مظهر شاهين وهو يقبل يد صفوت حجازى.

انفعل المذيع، ودخل مختار جمعة على الهاتف، ليشارك بفقرته المعتادة المزايدة على الجميع، وأعلن إيقاف محمد جبريل عن الخطابة، هكذا دون تحقيق، ودون دليل واحد، ليؤكد معالى وزير الأوقاف على معنى دينى جديد يقول: «فى أرض مصر لا يجوز الدعاء على الظالمين». ويسهم ببساطة فى توريط الدولة المصرية وتحميلها معانى القمع والخوف، بتصرف أقل ما يقال عنه إنه تعبير واضح عن أداء مختل من وزير غير مؤهل سقط فى فخ صنعه شباب الإخوان.

لا شىء أخطر على الوطن من مسؤول لا يرى أمتارا أبعد من موضع قدميه، ومن هذا الماعون ابتلانا الله فى مصر بوزراء ومديرين ومسؤولين مغرمين بالنظر أسفل أقدامهم، بعض التصريحات تتمنى لو أن لسان قائلها أصابه عطب لحظى مفاجئ حتى لا يتحفنا بكارثته.

هكذا، وبدون سابق تفسير أو احترام للمنطق وأهله، فعل الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، فى قضية محمد جبريل، نقله من مصاف القارئ الباكى الذى لا يتذكره المصريون إلا فى ليلة القدر، إلى صفوف الأبطال المناضلين، وحقق للإخون مرادهم الذين يسعون لنشره بين الناس بالباطل فيما يخص أن الدولة المصرية تحارب الدين والدعوة.

رسم وزير الأوقاف للدولة المصرية صورة قمعية، صورة لوطن يضيق بالمختلفين ولا يعرف سوى لغة العزل والمنع، والمشكلة أن مختار جمعة فعل ذلك وهو يظن أنه قام بعمل وطنى وبطولى لا ينقصه سوى أن يحصل على الكثير من الشكر على أنغام الموسيقى التصويرية لمسلسل رأفت الهجان، ولكن ذلك لم يحدث لأن موسيقى الهجان لا تعزف إلا للأذكياء فقط.








مشاركة

التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

عياد

سيبوهم يدعوا مصلحة بجد

عدد الردود 0

بواسطة:

مينا

بعض من اراء الدسوقى

عدد الردود 0

بواسطة:

ايمن

صدقت

كلامك مظبوط وصح بدرجة امتياز

عدد الردود 0

بواسطة:

سمير احمد

توضيح للكاتب

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري أصيل

مقال غير موفق والكاتب يغار من الإعلامي الوطني أحمد موسى

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد علي

خايف !!!

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن واعي

نعم كان فخاً

عدد الردود 0

بواسطة:

عماد فضل

صاحب نظرة ثاقبة

عدد الردود 0

بواسطة:

رمضان كريم

الكل يزايد ياسيدى حتى أنت

عدد الردود 0

بواسطة:

ميادة

خسارة التعليق

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة