كل سنة وأنتم طيبون. وكما يحدث كل عام نتبادل التهانى بحضور العيد وانتهاء الشهر الكريم. شهر رمضان. فى كل عيد يتوارد إلى ذهنى سؤال المتنبى «عيد بأى حال عدت ياعيد. بما مضى أم بأمر فيك تجديد» كنت أتذكر دائما هذا البيت من الشعر سنوات حكم مبارك الأخيرة، حيث كانت الحياة شبه متجمدة ولا جديد عند الحكم يقدمه للناس والناس منصرفة إلى شؤونها. منذ ثورة يناير شهدت الحياة وتشهد تغيرا وتقلبا كل يوم. كان هناك أمل فى تحقيق أهداف الثورة وشيئا فشيئا رأينا أن شيئا لا يتحقق غير تبرئة كل الجناة من العصر السابق وفتح السجون لمن قاموا بالثورة وقفا لقوانين جديدة أريد بها الهدوء على الأرض. لكن الهدوء للأسف لم يتم ولن يتم على هذا النحو إلا بدم كثير وضحايا. صارت فى مصر معركة بين النظام الحاكم وأكثر من طرف. معركة مع الإرهاب الذى لا يمكن فصله عن خطط خارجية مهما كان الظلم التاريخى على أهل سيناء الذى يعد طبعا أحد المبررات الحقيقية. ومعركة مع الإخوان المسلمين الذين لا يزالون يتصورون أن عودة محمد مرسى ممكنة، ولقد كان يمكن أن يغنينا عن كثير مما نحن فيه لو احترم الحشود التى خرجت فى الثلاثين من يونيو وأعلن استفتاء مبكرا على الرئاسة أو انتخابات جديدة. ومعركة مع شباب الثورة الذين يرون أن الديمقراطية هى الطريق الصحيح للحياة وليست أفكار الحاكم ولا تصوراته وحده ورؤاه. معركة متشعبة ترهق أى نظام وحتى يرتاح من إرهاقها يسرع فى القوانين المقيدة للحريات ويستخدم طرقا ما قامت الثورة إلا لإنهائها مثل القبض العشوائى والخطف القسرى والتعذيب، وغير ذلك مما نراه أو نسمع عنه كل يوم. وبالطبع هو، النظام، على الناحية الأخرى يريد صمتا مجتمعيا يعتبره أساسا لقدرته على مواجهة الإرهاب رغم أن الضجة ليست تأييدا للإرهاب إنما هى دفاعا عمن هم ليسوا إرهابيين ويتم القبض عليهم أو محاكمتهم بقوانين تزيد الشقاق. هذا هو الوضع العام الآن وهو وضع سبق أن مرت به مصر. أعلنت قانون الطوارئ أيام السادات ومبارك وبدا المجتمع هادئا وما كادت تحدث ثورة حتى ظهر أن الإرهاب لم يكن انتهى بل كان كامنا ومن دفع ثمن قانون الطوارئ هم الناس العاديين. على نفس الوتيرة يمكن أن يتراجع الإرهاب لكنه سيكمن حتى يجد فرصة أخرى. يتصور النظام أنه نجح بينما القوانين غير الدستورية أو التى بها شبهة غير دستورية وما يترتب عليها من ظلم تمشى بالمجتمع إلى طريق آخر هو الطريق القديم. ثبات شكلى وغليان ضمنى حتى يأتى يوم للصدام فيظهر الإرهاب من جديد ويملأ المشهد بعد أن كنا تصورنا أنه انتهى. لماذا يتم المشى على نفس الطريقة القديمة التى لم تأت إلا بالخراب. تلخيص مشاكل المجتمع أنها اقتصادية فقط يعيد إلينا فترة عبدالناصر. لقد فعل الكثير من التنمية التى راحت كلها لأنها لم تجد من يدافع عنها. كيف يمكن أن نفتح باب الديمقراطية والتطور الاقتصادى معا، ولماذا تكون اللقمة مقابل الحرية؟ سؤال قديم لن يجيب عليه أحد. للأسف.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة