رغم أن القضية قديمة ومزمنة فى مصر، فإن أحدا لم يتحرك أو يبادر للحد من هذه الظاهرة الاجتماعية المخزية طوال سنوات طويلة، سوى مبادرات فردية من جمعيات خيرية حاولت علاج المشكلة «العار» على المجتمع لكن «اليد كانت قصيرة». الظاهرة تفاقمت فى ظل غياب علاج حقيقى يقضى تماما عليها من خلال تعديل التشريعات الظالمة وغير المنصفة ووضع قوانين جديدة تراعى الظروف الاجتماعية الطارئة وتصدر المرأة المصرية السلم الاجتماعى فى رعاية الأسرة والإنفاق عليها «%35 من الأسر المصرية تعيلها امرأة».
آلاف الغارمات من الأمهات والزوجات دخلن السجن لأسباب مادية باستدانة مبالغ بسيطة أو بأقساط لا تذكر قيمتها لعلاج زوجها أو تجهيز بناتها. وأمام العجز عن عدم السداد فالقانون لا يرحم والعدالة بالطبع عمياء وأصحاب الديون ليس فى قلوبهم رحمة، والنتيجة تجد الأم نفسها فى السجن لثلاث سنوات بسبب 200 جنيه أو 500 جنيه أو حتى ألف جنيه فى قيمة قسط عجزت عن سداده. ومع السجن تنهار الأسرة بكاملها ويتعرض بنيان المجتمع لاهتزازات مجتمعية وأمنية خطيرة.
دول عربية سبقتنا لحل المشكلة من جذورها القانونية بتعديل التشريعات الحاكمة وتحفيز القادرين من الأغنياء ورجال الأعمال على إنشاء صناديق لدعم ومساعدة الغارمات قبل وصولهن إلى النيابة والمحكمة ثم السجن وتحميل الدولة- ممثلة فى وزارة الداخلية- تكاليف باهظة لرعاية وإقامة وإطعام مسجونة لسنة أو اثنتين أو ثلاث بسبب مبلغ هزيل لم تستطع سداده، وكما قرأت فإن تكلفة الغارمات فى سجون الدولة تتجاوز مليار جنيه تتحملها خزينة الدولة بالطبع!
من هنا تأتى أهمية مبادرة الرئيس السيسى تحت شعار «مصر بلا غارمات» وسداد مديونيات الغارمات والإفراج عنهن قبل عيد الفطر. وبصراحة بقاء هذه الظاهرة عار علينا جميعا، ويجب على الفور القضاء عليها والتخلص منها، وإذا كان هدف المبادرة هو الإفراج عن جميع الغارمات فى نهاية العام الجارى، فلابد من وضع برنامج عاجل ومتكامل للقضاء على هذه الظاهرة بتعديل أو تغيير أو إلغاء التشريعات وإيجاد حلول مبتكرة لعملية البيع بالتقسيط أو كما يقال فى القرى بـ«الفايظ» بدلا من السجن وتشريد الأسرة وإهانة المرأة المصرية بالسجن. الأمر الثانى هناك ضرورة لإيجاد برامج تشغيل للغارمات الحاليات وتوفير فرص العمل البسيطة لهن، وإيجاد برامج تشغيل للمصريات بشكل عام لحمايتهن من العوز والحاجة والاستدانة.
مبادرة الرئيس السيسى يمكن أن تتحول لبرنامج شامل ومتكامل ليس فقط لسداد ديون الغارمات وإنما لمشروع قومى لتشغيل المرأة المصرية وحمايتها والحفاظ على كرامتها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة