إحياء علوم الدين لأبى حامد الغزالى.. من لم يقرأ "الإحياء" فليس من الأحياء

الخميس، 02 يوليو 2015 03:00 ص
إحياء علوم الدين لأبى حامد الغزالى.. من لم يقرأ "الإحياء" فليس من الأحياء غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإمام الفيلسوف السلفى الصوفى محمد بن أحمد الطوسى أبو حامد الغزالى، المتوفى سنة 505هـ. شغل الدنيا بأفكاره وكتاباته وتعارضت آراء الناس فيه بين "العلم" و"الادعاء" والصوفية والسلفية، ويظل كتابه "إحياء علوم الدين" أكثر هذه الكتب إثارة لهذا الدجل، فقد مدحه قوم حتى غلو فى مدحه وقالوا: من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء، وذمه قوم حتى أفتوا بحرقه ومنعه.

حدث ذلك لأن "إحياء علوم الدين" يتكلم فى علوم الأحوال ومراقى الصوفية، وينقل عن أبى يزيد البسطامى والحلاج والشبلى، حتى ذهب بعض الباحثين والعلملء بأن "الغزالى" كان يقول بالاتحاد والحلول تأثرا برموز الصوفية، وأن ذلك متضمنا فى كتابه إحياء علوم الدين، وفى بعض كتبه الأخرى.

ومما نقله "الغزالى" عن أبى يزيد البسطامى قوله: "أدخلنى ـ الله ـ فى الفلك الأسفل فدورنى فى الملكوت السفلى وأرانى الأرضين وما تحتها إلى الثرى، ثم أدخلنى فى الفلك العلوي، فطوف بى فى السموات، وأرانى ما فيها من الجنات إلى العرش. أوقفنى بين يديه فقال: سلنى أى شيء رأيته حتى أهبه لك؟ فقلت: يا سيدى ما رأيت شيئاً أستحسنه فأسألك إياه. فقال: أنت عبدى حقا تعبدنى لأجلى صدقاً..." الإحياء 4/356.

وكتاب إحياء علوم الدين يعتبره البعض تطور فى حال الغزالى الفكرى، فى طريق الصوفية وهو دليل على عدم إيمان الغزالى بقدرات الإنسان على فهم العالم لا عبر العقل كما يقول ابن رشد ولا حتى عبر التمعن فى النصوص الدينية كما يقول التقليديون، بل إن المشاعر والأحاسيس حينما توجه نحو الله هى "المنقذ من الضلال" .

ويقول الغزالى عن كتابه "فأما علم طريق الآخرة وما درج عليه السلف الصالح مما سماه الله سبحانه فى كتابه: فقهاً وحكمة وعلماً وضياء ونوراً وهداية ورشداً، فقد أصبح من بين الخلق مطوياً وصار نسياً منسياً، ولما كان هذا ثلماً فى الدين ملماً وخطباً مدلهماً، رأيت الاشتغال بتحرير هذا الكتاب مهماً، إحياء لعلوم الدين، وكشفاً عن مناهج الأئمة المتقدمين، وإيضاحاً لمباهى العلوم النافعة عند النبيين والسلف الصالحين.

وويضيف "الغزالى" قد أسسته ويقصد (الكتاب) على أربعة أرباع وهى: ربع العبادات، وربع العادات، وربع المهلكات، وربع المنجيات.


ويشتمل ربع العبادات على عشرة كتب: كتاب العلم، وكتاب قواعد العقائد، وكتاب أسرار الطهارة، وكتاب أسرار الصلاة، وكتاب أسرار الزكاة، وكتاب أسرار الصيام، وكتاب أسرار الحج، وكتاب آداب تلاوة القرآن، وكتاب الأذكار والدعوات، وكتاب ترتيب الأوراد فى الأوقات.

وأما ربع العادات فيشتمل على عشرة كتب: كتاب آداب الأكل، وكتاب آداب النكاح، وكتاب أحكام الكسب، وكتاب الحلال والحرام، وكتاب آداب الصحبة والمعاشرة مع أصناف الخلق، وكتاب العزلة، وكتاب آداب السفر، وكتاب السماع والوجد، وكتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وكتاب آداب المعيشة وأخلاق النبوة.

وأما ربع المهلكات فيشتمل على عشرة كتب: كتاب شرح عجائب القلب، وكتاب رياضة النفس، وكتاب آفات الشهوتين: شهوة البطن وشهوة الفرج، وكتاب آفات اللسان، وكتاب آفات الغضب والحقد والحسد، وكتاب ذم الدنيا، وكتاب ذم المال والبخل، وكتاب ذم الجاه والرياء، وكتاب ذم الكبر والعجب، وكتاب ذم الغرور.

وأما ربع المنجيات فيشتمل على عشرة كتب: كتاب التوبة، وكتاب الصبر والشكر، وكتاب الخوف والرجاء، وكتاب الفقر والزهد، وكتاب التوحيد والتوكل، وكتاب المحبة والشوق والأنس والرضا، وكتاب النية والصدق والإخلاص، وكتاب المراقبة والمحاسبة، وكتاب التفكر، وكتاب ذكر الموت.

فأما ربع العبادات فأذكر فيه من خفايا آدابها ودقائق سننها وأسرار معانيها ما يضطر العالم العامل إليه، بل لا يكون من علماء الآخرة من لا يطلع عليه، وأكثر ذلك مما أهمل فى فن الفقهيات.

وأما ربع العادات فأذكر فيه أسرار المعاملات الجارية بين الخلق وأغوارها ودقائق سننها وخفايا الورع فى مجاريها وهى مما لا يستغنى عنها متدين.

وأما ربع المهلكات فأذكر فيه كل خلق مذموم ورد القرآن بإماطته وتزكية النفس عنه وتطيهر القلب منه، وأذكر من كل واحد من تلك الأخلاق حده وحقيقته، ثم أذكر سببه الذى منه يتولد، ثم الآفات التى عليها تترتب ثم العلامات التى بها تتعرف، ثم طرق المعالجة التى بها منها يتخلص، كل ذلك مقروناً بشواهد الآيات والأخبار والآثار.

وأما ربع المنجيات فأذكر فيه كل خلق محمود وخصلة مرغوب فيها من خصال المقربين والصديقين التى بها يتقرب العبد من رب العالمين وأذكر فى كل خصلة حدها وحقيقتها وسببها الذى به تجتلب وثمرتها التى منها تستفاد وعلامتها التى بها تتعرف وفضيلتها التى لأجلها فيها يرغب مع ما ورد فيها من شواهد الشرع والعقل؛ ولقد صنف الناس فى بعض هذه المعانى كتباً، ولكن يتميز هذا الكتاب عنها بخمسة أمور الأول حل ما عقدوه وكشف ما أجملوه الثانى ترتيب ما بددوه ونظم ما فرقوه الثالث إيجاز ما طولوه وضبط ما قرروه الرابع حذف ما كرروه وإثبات ما حرروه الخامس تحقيق أمور غامضة اعتاصت على الأفهام لم يتعرض لها فى الكتب أصلاً إذ الكل وإن تواردوا على منهج واحد فلا مستنكر أن يتفرد كل واحد من السالكين بالتنبيه لأمر يخصه ويغفل عنه رفقاؤه، أو لا يغفل عن التنبيه ولكن يسهو عن إيراده فى الكتب، أو لا يسهو ولك يصرفه عن كشف الغطاء عنه صارف؛ فهذه خواص هذا الكتاب مع كونه حاوياً لمجامع هذه العلوم.


موضوعات متعلقة..


أفكار قتلت أصحابها..الدولة العباسية تختبر قسوتها بـ"شواء" ابن المقفع








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة