وكما ذكر المثل الشعبى المصرى القديم: "الشىء إن زاد عن حده انقلب إلى ضده".
وهذه الزيادة عن كل الحدود المنطقية المقبولة نالت من كل شىء فى المجتمع المصرى والذى تمكن منه داء الأفورة !
فمن ناحية الاحتفاء بالشهر الكريم الذى اعتدناه منذ الصغر، فقد اتخذ هذا الاحتفاء منحى جديد شكلاً وموضوعاً بما لا يتناسب مع جلال تلك الأيام المباركة!
فعلى سبيل المثال :
"فاصل القرآن الكريم الذى يسبق آذان المغرب"
لم يعد هناك وقت تخصصه القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية المختلفة لهذه الآيات التى كانت من أهم الطقوس التى تسبق مدفع الإفطار ثم آذان المغرب، ذلك لكثرة البرامج والمسلسلات والإعلانات التى اكتظت بها تلك المنابر الإعلامية، فكانت النتيجة أن قرآن المغرب لا يُخصص له أكثر من دقيقة فى حال إن وُجدت !
فعن نفسى قتلت الإذاعات والقنوات بحثاً عن روح الشهر الكريم، فلم أجد سوى مجموعة من السخافات، ولم أجد صوت الشيخ محمد رفعت ولا مصطفى إسماعيل وغيرهما من الأصوات الممتعة والتى تحمل فى طياتها نفحات وجلال الشهر الفضيل !
"إعلانات التبرعات الخيرية"
آى نعم، فإنه من المعتاد أن تفتح تلك الصروح الخيرية المخصصة لعلاج الأمراض أبوابها لتلقى التبرعات من أهل الخير فى شهر رمضان تحديداً، والذى يتسارع فيه الناس لفعل الخيرات، بل أنه واجب على كل مصرى أن يمد يد العون لأخيه المريض الغير قادر على تحمل تكاليف العلاج، بل ويتقدم بجزيل الشكر للقائمين على هذه الصروح الخيرية التى ساعدت الكثيرين من غير القادرين، جزاهم الله كل خير .
ولكن:
كما ذكرت سابقاً أن المزايدة والأفورة والإلحاح المنفر يأتى حتماً بنتائج سلبية !
حيث تحولت هذه الإعلانات إلى مادة لاستياء فاعلى الخير بل وانصراف البعض عن تلبية تلك الدعاوى!
ومن جانب آخر، تحولت إلى مادة تتسبب فى الأذى النفسى للكثير من المرضى، وخاصة مرضى السرطان، حيث وجد المريض نفسه محاصراً فى كل القنوات بما يذكره دائماً وأبداً بمعاناته بل ويجعل منها شبحاً يلاحقه أينما وُجد !
يا أيها الباحثون عن التبرعات لمشروعاتكم الخيرية العظيمة، رفقاً بمشاعر المرضى ورفقاً بذويهم .
" المسلسلات والبرامج والإعلانات "
وأما عن هذه التوليفة العجيبة من الاستفزاز والتشويه والاستخفاف، فحدث ولا حرج، اللهم إلا قليلاً جداً ممن رحم ربى!
فالإدمان وكيفية إتقانه والعهر والعرى والسماجة والبلطجة، أبطال الموقف !
واستفزاز الكم الهائل من الإعلانات التى تصيب المشاهد بالغثيان، ناهيك عن برامج المقالب التى لا تكل ولا تتخذ من التجديد سبيلاً، حقاً فإما أن تكون النكتة بايخة وإما أن تكون قديمة !
أما عن المسلسل التاريخى والدينى الذى كان ولم يعد من أهم طقوس الدراما الرمضانية، فقد ذهب مع الريح الجديدة التى تلاشت أمامها ولم تعد تقوى على صدها كل طقوس الشهر الفضيل حتى فاصل القرآن الكريم !
رمضان كريم
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة