فى كل الحالات إيران هى الرابحة من الاتفاق النووى مع الغرب، فقد حققت ما أرادت وتعود بعلاقات أقوى مع واشنطن والعواصم الكبرى فى العالم، واقتصادها ينتظر بشغف رفع العقوبات المفروضة على طهران بعد موافقة الكونجرس خلال الشهرين المقبلين، وسوف تعود السفارة الأمريكية فى طهران إلى مكانها القديم وسوف يرفرف علم «الشيطان الأكبر» وسط العاصمة الإيرانية. وأتوقع، وهذا شىء طبيعى فى السياسة البراجماتية الإيرانية، أن تعود سفارة إسرائيل أيضا آجلا أم عاجلا، ويعيد التاريخ نفسه إلى زمن الستينيات وحتى نهاية السبعينيات.
الاتفاق النووى انهى تماما العداء الوهمى بين واشنطن وطهران ولم تعد إيران إحدى دول «محور الشر» ولم تعد أمريكا هى «الشيطان الأكبر» فى الأدبيات الثورية الإيرانية المصطنعة، وننتظر علاقات استراتيجية بين البلدين فى القريب العاجل جدا.
الجانب الآخر من الاتفاق هو إعادة فك وتركيب المشهد السياسى فى المنطقة ومحاولة إدماج إيران سياسيا فى الشرق الأوسط بشكل كلى، بعد أن لعبت دورا جزئيا فى أفغانستان والعراق لصالح الولايات المتحدة فى حربها ضد الإرهاب لتفويت عملية بناء البرنامج النووى الإيرانى.. وكله كان له ثمن فقد ساهمت إيران فى الحرب على أفغانستان ودعمت الغزو الأمركى لاحتلال العراق، وكان هناك إدراك منذ بدايات الألفية الثالثة أن هناك زوبعة حول الملف النووى الإيرانى ستنتهى لصالح الجمهورية الإسلامية، وأنها لعبة سياسية للضغط على طهران لتقديم العون المطلوب لواشنطن فى الجارتين أفغانستان والعراق.
المرحلة الأخرى فى الاتفاق وهى فرض نظرية الاحتواء على إيران وتحقيق الاستراتيجية الأمريكية فى محاصرة موسكو وجذب الجمهورية الإسلامية ناحية الغرب والاستفادة القصوى من الغاز الإيرانى بدلا من الروسى، إضافة إلى محاولة وقف التمدد الصينى والهندى فى منطقة آسيا. المنافع المشتركة بين إيران وواشنطن والغرب عموما كثيرة، والمخاوف من الاتفاق النووى كثيرة أيضا ولن يقلل منها زيارة مبعوث هنا أو هناك، فالاتفاق يكتب صفحة جديدة للتحالف الاستراتيجى الجديد وتقسيم الأدوار بشكل علنى أو خفى.
المخاوف من التقارب الأمريكى الإيرانى، فى جزء كبير منها، هى التى دفعت دولا عربية مثل السعودية ومصر إلى الانفتاح الدبلوماسى والعسكرى والتجارى على روسيا والسعى إلى إقامة علاقات استراتيجية والانضمام إلى التحالفات الكبرى مثل تحالف الدول الأسرع نموا- البريكس- استعدادا لخريطة التحالفات الجديدة فى منطقة الشرق الأوسط التى شعارها «أمريكا وإيران إيد واحدة».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة