وهذه قصة من قصص النفوذ والازدواجية فى تطبيق القانون. وكيف يمكن لمن يطبق القانون أن يتجاهله أو يرى أنه فوق أى قانون. القصة وقعت الأسبوع الماضى فى الشيخ زايد عندما أوقف الرائد الحسينى زهران الضابط بمرو الجيزة سيارة جيب، كانت تسير بلا لوحات أمامية، وزجاجها فيميه داكن. طلب الضابط من قائدها الرخص فلم يكن يحملها، أو رفض إخراجها، وهدده بمنصب والده المستشار. تطور الأمر لمشادة حاول الشاب الانصراف، أخرج الضابط مسدسه وشد الأجزاء، ثم حمل العربية على «الونش»، واحتجزها فى المكان المخصص لاحتجاز السيارات المخالفة.
بحسب رواية ضابط المرور، فإنه فوجئ باتصال هاتفى من وكيل مرور أكتوبر، وبخه وطالبه بإعادة السيارة إلى صاحبها، وهدده بانتقام المستشار، لم يتقبل الضابط الأمر، وتوجه إلى مدير أمن الجيزة اللواء كمال الدالى، فرفض مقابلته فتوجه إلى وزارة الداخلية، وقدم مذكرة بكل ما حدث، أكد فيها أنه طبق القانون مع سيارة مخالفة، وكان جزاؤه التهديد، وفتح قطاع التفتيش والرقابة تحقيقا فى الواقعة.
وكيل مرور الجيزة يقول إن المستشار اشتكى الضابط أنه أوقف ابن سيادته وتعامل معه بعنف وهدده بالمسدس، الضابط يقول إنه طبق القانون، وأن الشاب كان مخالفا يقود سيارة بلا أرقام وأنه هدده بوالده، وحاول الهرب من المكان، ولهذا شد المسدس لكنه لم يطلق الرصاص.
القضية كلها قيد التحقيق فى تفتيش الداخلية، وربما يكون الضابط انفعل أو هدد، لكن تبقى القضية الأساسية، وهى أن السيد الوالد رجل قانون، بل إنه يصدر الأحكام، ولا شك أنه لو وقف أمامه متهم بالقيادة بقيادة سيارة بدون لوحات ولا تراخيص سيكون عليه إصدار حكم بالإدانة.
وبالتالى لا يفترض أن يسمح لابنه بفعل يجرمه القانون، فكيف تلقى الابن التربية، ليتصور أنه فوق القانون وخارج نطاق المحاسبة.
مثل هذه التصرفات تكشف عن خلل ما فى وقت يطالب فيه الجميع بتطبيق القانون على الكل، وأن يكون القانون عاما مجردا لا يفرق بين مواطن وآخر. وإذا تركنا الأمر بهذا الحال من الصعب الحديث عن سيادة القانون.
الأمر هنا يتعلق بالبناء العقلى لبعض أصحاب النفوذ، ممن يمنحهم القانون حصانات لطبيعة عملهم، وليس خارج المنصات. وإذا كانت وزارة الداخلية فتحت تحقيقا يفترض أن يكون هناك تحقيق آخر فى وزارة العدل. وفى حال ثبوت أن الضابط التزم بالقانون يجب أن يكافأ، لا أن يعنفه أحد رؤسائه، حتى يمكننا الحديث عن دولة القانون وليس النفوذ.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة