اليوم إجازة بمناسبة العيد الـ63 لثورة 23 يوليو المجيدة.. إجازة رسمية يمتد بها موسم من مواسم الإجازات الطويلة فى مصر، فى ظاهرة نادرة لا تتكرر فى دول كثيرة فى العالم. فما بالك بدولة تعيش ظروفا اقتصادية صعبة تحتاج فيها المزيد من العمل والجهد والإنجاز واختزال الوقت والسباق مع الزمن لتعويض ما فات.
منذ ليلة الوقفة ثم العيد وحتى يوم الأحد المقبل، مصر فى إجازة، شوارع القاهرة تكاد تبدو فارغة من زحام السيارات والبشر، والمصالح الحكومية خالية من جيش الموظفين. ظاهرة بليدة تعكس حالة الكسل والاسترخاء المستمرة بشكل طبيعى فى مصر رغم نداءات ودعوات العمل ونسيان الذات للعبور بالبلاد من ظروفها وأوضاعها الصعبة، وكأن عمال مصر- باستثناء عمال قناة السويس - وموظفيها فى حاجة إلى راحة من عناء عمل مضنٍ ومجهود شاق أنجزوا به الإنتاج الوفير وأوقفوا به غول الاستيراد الذى يلتهم سنويا 60 مليار دولار.
مصر من أغرب الدول التى يحصل فيها العامل أو الموظف على أكثر عدد من أيام الطلات والإجازات، مقارنة بدول العالم الأخرى والتى تصل إلى أكثر من 150 يوما فى العام الواحد، بقائمة الإجازات العجيبة فى القانون المصرى والتى تصل إلى حوالى 30 نوعا من الإجازات، وهى دولة نامية فى حاجة لكل يوم عمل، فى حين أن دولة متقدمة مثل اليابان من أكثر شعوب العالم حرمانا من الإجازات بمتوسط تسعة أيام سنويا، وفى أمريكا 17 يوما وفرنسا 34 يوما، وأستراليا 20 يوما.
الموظف المصرى- سواء كان رجلا أو امرأة عاملة، يحصل على هذا الكم من الإجازات فى مقابل أن معدل إنتاجه اليومى لا يتعدى 15 دقيقة، والمقياس عنده هو الحصول على إجازة طويلة وليس مقياس العمل والإنتاج.
إذا كان لدينا قصور شديد فى الأداء الوظيفى وفى معدل الإنتاج، فهل يليق بنا أن نكون أكثر الدول التى تحصل على الإجازات؟ وما حجم الخسائر الاقتصادية التى تنجم عن هذه الإجازات بما فيها إجازات المدارس والجامعات. نحتاج إلى إعادة نظر فى تقليل أجندة الإجازات فى مصر حتى ننجز ونتقدم ونعيد للعمل قداسته وقيمته مثلما هو الحال فى العالم المتقدم، ويكون المقياس للأداء هو الإنتاج والعمل وليس «تنبلة الإجازات».