عندما قرأت ما نشر عن التعاون بين وزراة الثقافة والأوقاف فى مواجهة الإرهاب لم أهتم. تصورته كلاما مرسلا يقال فى المناسبات وينتهى. ثم قرأت تفاصيل عن هذا التعاون، من بينه دعم وزارة الأوقاف فى مشروع المليون قارئ الذى تشرع البدء فيه. وطبعا كان لابد أن أقرأ جملة «دعمها بكتب معينة يتم اختيارها». وهنا طبعا توقفت، لأن هذا ما كنت أتوقعه وأضع تحته أكثر من خط.
ما هى الكتب المعينة فى وزراة الثقافة التى يمكن بها دعم وزارة الأوقاف؟ الروايات المؤلفة أو المترجمة؟ لا يمكن. فهذه الروايات بها من حرية الكتابة ما لا تتحمله وزارة الأوقاف، ويمكن أن يكون مثار انتقاد لها إذا وضعتها كما يقال فى مساجدها. الشعر؟ الأمر نفسه يتكرر. كتب الفنون التشكيلية. مستحيل. الدراسات النقدية. مستحيل، ويزاد عليه صعوبتها.
السير والتراجم. ليس لدينا إلا أعداد لا تصل لأصابع اليد الواحدة من السير الحديثة. فقط سير القدماء إذا وجدت وهى أيضا ليست بالكثيرة. الدراسات الدينية الحديثة. أكثرها من الصعوبة بمكان فى القراءة وأكثرها غير مرضى عنه من الأزهر، مثل كتب نصر حامد أبو زيد أو فرج فودة. وحتى لو اتسع الأمر لدى وزارة الأوقاف لمثل هذه الكتب فهى ليست محتاجة لتعاون وزارة الثقافة ويمكن أن تشتريها من المكتبات، وبالمناسبة معظمها مطبوع خارج هيئات الوزارة.
إذن لم يبق إلا كتب الأطفال وكتب التراث العربى. وكتب الأطفال لن يتوقف أحد عندها، لكن كتب التراث ستتوقف الأوقاف بما فيها. ولن تمر كلها إلى المساجد. إذن فالتعاون فى مسألة الكتب لن يزيد عن عمل تقليدى يمكن أن يتم دون بروباجندا، لكن ما علينا.
ننتقل إلى أماكن التعاون. وزارة الثقافة تملك ستمائة بيت وقصر ثقافة ليست مغلقة ولا تعمل كلها، أكثرها ينعى من بناه، وخاصة بيوت الثقافة ويمكن أن تكون مكانا لمحاضرات أو ندوات بعض رجال الأوقاف لو أرادوا.
المهم أن يجدوا جمهورا يسمعهم، لأن العادة أن يسمعهم الناس فى المساجد. لن يجد إلا المشاهير منهم مكانا يتسع لهم، وغالبا سيكون قصور الثقافة التى لا تمنع ذلك من الأصل.
لا أعرف أن لدى وزارة الأوقاف أعدادا كبيرة من المفكرين تكفى هذه القصور والبيوت. الغريب أنى قرأت أن وزير الثقافة طلب من وزير الأوقاف السماح للأدباء أن يلقوا المحاضرات فى المساجد.
والسؤال هو إذا كان لديك ستمائة بيت وقصر فلماذا تذهب لبيوت الآخرين؟ لماذا لا تدعم وتنشط بيوتك؟ وحتى لو حدث ذلك فمن هم الأدباء الذين سيذهبون إلى المساجد؟ وهل سيستمع إليهم أحد وهم يتحدثون عن الرواية أو المسرحية أو الفيلم؟ أم سيتحدثون فى الدين فيقول رجال الأزهر نحن علماء الدين؟ هذا ليس مكانكم.
لا أعنى بما أكتب الهجوم على هذا التعاون، لكن فقط أعلن أنه أى كلام. وحتى تعرف ذلك فاسأل هل يمكن أن يقام عرض فنى فى مسجد؟ وزير الثقافة عليه أن يعرف أن بيته خربان وعليه إعادته للحياة.
والتمسح بوزارة الأوقاف طريق خاطئ، لأن الخطوة التالية ستكون عدم إصدار وزارة الثقافة لشىء إلا ما ترضى عنه الأوقاف.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة