لم تتعرض ثورة فى التاريخ الحديث إلى حملات تشويه وتزييف مثلما تعرضت ثورة 23 يوليو 52، ولم يواجه زعيم ثورة موجات شرسة من النقد والتجريح فى حياته وحتى بعد مماته مثلما واجه قائد الثورة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.
منذ قيامها وثورة يوليو وزعيمها يواجهان قوى الاستعمار والطغيان والرجعية فى الخارج، وقوى الشر والتخلف والجهل وتجار الأديان فى الداخل، ووسط كل هذه التحديات والحروب حققت ثورة يوليو معظم أهدافها التى حفظناها ظهر عن قلب فى الهدم لقوى الاستعمار وسيطرة رأس المال على الحكم وبناء دولة حديثة أساسها العدل والحرية وقوامها جيش وطنى قوى يحمى الشعب والدولة ويرسخ وحدته وتماسكه.
لم تسلم ثورة يوليو من آذى حتى الذين استفادوا منها ثم انقلبوا عليها وكانوا بمثابة «خلايا نائمة» تتوغل فى جسد الثورة إلى حين الانقضاض عليها، فى السبعينيات تحالفت قوى الرجعية والتخلف الممثلة فى جماعة الإخوان، مع الانتهازيين القدامى والجدد لهدم كل منجزات الثورة ومكاسبها، وتشويه زعيمها وإطلاق العنان لخيل الأكاذيب والأوهام ونسج الأساطير الشيطانية حوله وحول عصره ورجاله، وخرجت مئات الكتب وآلاف المقالات وعشرات الأفلام السينمائية بل الفتاوى الدينية التى كفر زعيم يوليو، وتنافق العصر الجديد الذى أراد أن يكتب تاريخا جديدا له على حساب تاريخ يوليو بوهم أنه امتداد له، وهو ما لم يصدقه المصريون وأطلقوا النكات عليه بعد انقلابه السياسى. وقعت ثورة يوليو فى السبعينيات فريسة للإخوان من جانب لتخليص ثأرهم مع عبدالناصر، ولجماعة المصالح الجديدة ورموز الحكم القديم الذى عاد من جديد بمباركة السادات للقضاء نهائيا على ناصر وثورته، وإجراء أكبر عملية غسل أدمغة للشعب المصرى والشعب العربى لتشويه وهدم الثورة وزعيمها.
فشلت كل المحاولات فى الداخل والخارج للقضاء على يوليو وناصر، وكلما حاولوا إخماد نورها وإلهامها وبريقها، أضاءها الشعب المصرى والعربى فى كل محنة وأزمة مر بها طوال 63 عاما هى عمر الثورة الآن وحتى بعد وفاة زعيمها منذ 45 عاما، ففى كل مرة يفاجئ الشعب العربى العالم بصور عبدالناصر فى الميادين وبشعارات يوليو تطلقها الحناجر. سقطت كل الأكاذيب، وكلما مرت السنون تتجلى الحقيقة وينصف التاريخ ثورة يوليو وقائدها، وربما تكون 23 يوليو من الثورات النادرة فى العالم التى ينصفها الشعب والتاريخ كلما مضى الوقت ومر الزمن، لتؤكد أنها الثورة الأم لكل الثورات العربية بأهدافها فى إقامة حياة إنسانية وعدالة اجتماعية وحرية حقيقية، تحية لثورة يوليو فى ذكراها وتحية لقائدها وزعيمها جمال عبدالناصر.