«جماعة الإخوان المسلمين الليبية، الذين هم جزء من التنظيم الدولى للإخوان، متهمة بالانقلاب على الشرعية، والتآمر للسيطرة على الحكم فى ليبيا، وتسهيل دخول أطياف من القاعدة وداعش وتشكيل فرق مسلحة غير شرعية وموازية للجيش الليبى».. بهذه العبارة المختصرة الواضحة التى جاءت فى كتاب «ليبيا أولا ودائما»، حدد كاتبه المفكر والسياسى الليبى حسن طاطاناكى المرتكز الأساسى الذى يرتكز عليه فى تعامله مع الأزمة الرهيبة المشتعلة فى وطنه ليبيا.
وفى البداية صديقى القارئ أود أن ألفت نظرك إلى أن «طاطاناكى» ليس مجرد مثقف ومفكر سياسى منعزل عن الواقع فى وطنه ليبيا، بل هو منغمس ومتجذر فى الواقع المدلهم الآن فى ليبيا، فينشئ ويساهم بماله ومجهوده فى إنشاء المؤسسات الإعلامية والقضائية وحقوق الإنسان، دفاعًا عن وطنه الذى تشظى على أيدى جماعات من شذاذ الآفاق، مثل مجلة «المستقل» التى يرأس تحريرها المثقف الليبى الكبير الدكتور عبدالمنعم المحجوب، ومدير تحريرها المثقف الليبى حسن الفيتورى، والتى تعجز كل وزارات الثقافة فى الوطن العربى كله عن إصدار مجلة تقاربها فى المستوى الثقافى والسياسى والاجتماعى وحتى الرياضى، ومثل «مؤسسة العدالة أولًا»، إيمانًا بضرورة إقامة دولة ليبية حديثة تستلهم مقومات هويته، ووعيًا حقيقيًا بدقة المرحلة، وللمحافظة على الدولة الليبية، وتماسك صفوف أبنائها، وتشخيصًا للجرائم الإرهابية، ورصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتوثيق العمليات الإرهابية، وجمع الأدلة والحجج والبراهين التى تثبت المسؤولية القانونية والجنائية لمن أجرموا فى حق ليبيا والليبيين، وتقديمهم إلى المحاكم المختصة ليبيًا ودوليًا.
«طاطاناكى» يا صديقى القارئ ليس مجرد مثقف يشخص الداء فقط، بل مناضل أيضًا فى سبيل تحقيق دولة ليبية حديثة وديمقراطية، وسوف نعرض هنا لكتابه «ليبيا أولا ودائما»، وهو عبارة عن تجميع عشرين مقالًا تم نشرها فى مجلة «المستقل» كتبها «طاطاناكى» لمتابعة الأزمة الرهيبة المحتدمة فى ليبيا، وفى البداية يؤكد «طاطاناكى» أن الحرب فى ليبيا ليست حربًا أهلية، فالليبيون ليسوا مثل «الهوتو» و«التوتسى»، طرفى الحرب الأهلية فى رواندا، والتى مات فيها عشرات الآلاف، ويؤكد الكاتب أن الليبيين لا ينقسمون إلى أعراق أو أديان مختلفة، وأن ليبيا لم تعرف الحرب الأهلية طوال تاريخها، بل هى تشهد الآن حربًا مصيرية ضد الإرهاب، ولذلك فإن هناك فرقًا واضحًا بين الحرب الأهلية والحرب على الإرهاب الذى أصبح صفة لصيقة بالمتأسلمين. ويكتب «طاطاناكى» بالحرف الواحد: «الإخوان المسلمون هم رأس البلاء، وسبب الكوارث التى نعانى منها الآن، فالتشكيلات المسلحة من الدواعش أو القاعدة أو أنصار الشريعة، وهى تشكيلات وافدة أو مختلطة، لم تكن لتصمد وتستمر لولا أنها وجدت فى الانقلابيين من الإخوان المسلمين حليفًا لها يزودها بغطاء سياسى ومالى».
ويشرح «طاطاناكى» موضحًا أن النسخة الليبية من التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وجدت أن الوسيلة التى تحقق لها السيطرة على الحكم فى ليبيا هى التحالف الميدانى مع التشكيلات المسلحة، وتكوين المزيد من التشكيلات المسلحة لتعمل كأذرع لها فى فرض السيطرة بالقوة. ويؤكد الكاتب أنه أمام هذا الوضع كانت حركة الكرامة التى قادها الجيش الليبى ملتحمًا بالشعب الليبى الذى طفح به الكيل من وجود الإرهابيين، وسعيهم من أجل السيطرة على ليبيا. وينهى الكاتب هذا المقال بنصيحة للشعب الليبى العظيم بأن يواصل حربه المصيرية، لكى يقضى على الإرهاب الذى تقوده فى ليبيا جماعة الإخوان المسلمين، ولكى يبسط سيادته على كامل أرضه، ليبنى دولة ديمقراطية آمنة تسودها المؤسسات، وينظمها القانون، ويحميها الجيش الوطنى الليبى.