قبل 30 يونيو بيومين اجتمع خيرت الشاطر بـ«علماء المسلمين»، وأبلغهم بوجود عشرات الآلاف من المقاتلين، ينتظرون ساعة الصفر فى عشر أماكن بالقاهرة، ورد عليه عاصم عبدالماجد: «وعندى زيهم فى المنيا»، وتم تكليف شخص عربى اسمه «الشيخ وحيد» بالخروج إلى الجموع المحتشدة خارج مكتب الإرشاد، لإبلاغهم بقرارات مجلس الحرب الإخوانى، وفى الخارج كان ينتظرهم المذيع الشتام خالد عبدالله محمولا على الاكتاف، وتوالت كلمات «العلماء» التى تهدد بسحق المعارضين للرئيس الشرعى والمتمردين والروابضة، ورمى جثامينهم النجسة للكلاب المتوحشة.. وباقى مسلسل الرعب موجود فى فيديو بثه «اليوم السابع» منذ عدة أيام، نقلا عن المواقع الإخوانية، التى بدأت فى إيقاظ خلاياها الإلكترونية من جديد.
إعادة التذكير بهذه الأيام السوداء مهم وضرورى، لمقاومة حالة «ضعف الذاكرة» ونسيان الخطر، التى تتسلل تدريجيا، وأهم مظاهرها الآراء والكتابات التى بدأت تطل برأسها، حول إيجاد صيغة للتعايش مع الإخوان، والتصالح مع قياداتهم فى السجون، وبداية مرحلة جديدة بدون عنف أو دماء، وغير ذلك من الكلام الناعم الذى يخدر الآلام والأوجاع وينشر أجواء الاسترخاء العقلى، ويعيد من جديد نغمة «دول ناس طيبين وبتوع ربنا وعايزين يعيشوا»، وهذا ما بدأت بالفعل أسمعه من موطنين بسطاء، كانوا ضد الإخوان من الألف إلى الياء.
لن تنجح الحرب ضد الإرهاب إلا إذا كانت هناك استراتيجية واضحة لتطهير العقول، والعقل المصرى بطبيعته ميال إلى النسيان، وعندما يشعر بالأمن الذى يعود بقوة، وهيبة الدولة التى تسترد عافيتها، ينسى ميليشيات خيرت الشاطر، وفتاوى علماء الكذب والإفك والضلال، وبهلوانية صفوت حجازى وابتسامة البلتاجى وتفاهة العريان، وربما لا يتذكر أهالى مدينة نصر والجيزة غزوتى رابعة والنهضة، التى تحل ذكرى فضهما منتصف الشهر القادم، ولا الحشود التى جاءت من القرى والأرياف، لتحرير القاهرة من الغزاه والمستعمرين، والأسلحة والقنابل والميكروفونات وسرقة سيارات التليفزيون، لنقل الوقائع مباشرة إلى قناة الجزيرة.. ولم يفهم مرسى وأهله وعشيرته أن الدولة لها جيش واحد وشعب واحد، وأن ميليشيات الشاطر لا يمكن أن تحل محل جيش مصر، وأن الأهل والعشيرة لا يستطيعون أن يكونوا بديلا لشعب مصر.