من حق الصحفيين والعاملين فى مجال الإعلام بتنوعاته أن يستشعروا الخوف ويظهروا القلق من بعض مواد مشروع قانون مكافحة الإرهاب، والدولة عليها فى هذه المرحلة أن تعى جيدا وتدرك أن الجميع لا يبغى سوى المصلحة العامة وأن الكل فى قارب سياسى واحد ولا يسعى أحد إلى إحداث أزمة وشق الصف الوطنى فى ظل المخاطر والتهديدات التى تواجه مصر حاليا. هنا تصبح الضرورة الوطنية هي الاستماع إلى الرأى الآخر فى مشروع القانون وعدم تجاهل أصوات الجماعة الصحفية، كما حدث من قبل.
فالمكتسبات التى حققها وحصل عليها الصحفيون وانتزعوها من خلال نصوص واضحة فى دستور 2014، لا يمكن التخلى أو التراجع عنها، فمواجهة الإرهاب لا يعنى الصمت على حرية الرأى والتعبير والخضوع لنصوص مواد غامضة وفضفاضة وغير محددة تهدد الحريات الصحفية والإعلامية.
المطلوب ألا يتم التضحية بمكتسبات وحقوق دستورية فى سبيل مكافحة إرهاب جماعات وتنظيمات معروفة لن تنجح فى هزيمة شعب، وإحداث التوازن بين مواجهة التحديات والحفاظ على الحقوق والمكاسب.
مشروع القانون بصورته الحالية سوف يثير رفض وغضب العديد من فئات المجتمع المدنى، وسيفتح الباب مرة آخرى لـ«طيور الظلام» للاصطياد فى المياه العكرة، واتخاذ القانون تكئة وحجة لإحداث الفتنة والوقيعة، وهو ما نلمح إرهاصاته بالفعل من خلال بيانات مشبوهة من منظمات حقوقية «ما أنزل الله بها من سلطان» وبعضها- وإن لم يكن أكثرها - محسوبا ومنتميا لجماعة العنف والإرهاب الإخوانية.
راجعوا البيان الذى أصدرته منذ يومين الذى ظاهره التضامن والتأييد لموقف نقابة الصحفيين من بعض المواد المتعلقة بالنشر فى مشرع القانون، ولكن باطنه الهجوم على النظام الجديد فى مصر ووصفه «بالديكتاتورية والقمع للحريات» إلى آخر تلك المصطلحات الروتينية والمعتادة فى بيانات «دكاكين حقوق الإنسان».
هناك عوار وخلل فى مشروع القانون، علينا أن نعترف بذلك، والحل هو الحوار للاستماع إلى كل وجهات النظر ومناقشة جميع المقترحات والاقتراحات للتعديل، حتى لا يخرج القانون مخالفا للدستور وبالتالى يسهل الطعن فى دستوريته. والأهم من ذلك هو «تفويت الفرصة» على «طيور الظلام» ودكاكين «الاتجار بحقوق الإنسان» ووأد الفتنة فى مهدها، فالمسألة ببساطة هى المصلحة الوطنية وليس صراع بين أطراف على مكاسب فئوية أو شخصية.