سهير جودة

دليلك إلى الفشل

السبت، 01 أغسطس 2015 03:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما هو مستقبل مجتمع يستسلم لبؤس الإهمال وعندما يبلغ الإهمال ذروته وتقع الكارثة تلو الأخرى نتنصل من الأسباب وننسبها إلى النصيب والقدر؟ ما هو مستقبل مجتمع لا يعد عدته للنجاح والتفوق وعندما يفشل لا يعترف بأن الفشل نتيجة حتمية ولكن يعاند ويكابر وينسب الفشل للسحر والأعمال؟، وما هو مستقبل مجتمع يعيش ويتنفس ويشعل حرائق ويفتعل معارك ويؤجج نيران سخية فى شحن المعارك الوهمية والتفاهات التى نغرق فيها؟ مجتمع به هذه الأمراض هل يمكن ألا يكون مجتمع فاقد لعقله ومتى فقد العقل هل يبقى رهان على نجاح أو مستقبل؟. ما حدث فى مباراة الأهلى والزمالك الأخيرة يلخص كثيرا من الأمراض الاجتماعية التى أصبحت «عصية» على العلاج وكأننا أدمنا الحياة فى ظل نضج وتكاثر هذه الأمراض علينا وكأنها تمنحنا الحياة والمتعة. بدأ الشحن والانشغال بالتوافه واشتعال المواقف قبل المباراة بعشرة أيام كان هناك حشد وكأننا فى معركة حربية مصيرية من أجل الوطن والكارثة أننا ننجح فى هذا النوع من الحشد السلبى وكأننا نستمتع بنزيف الوقت والجهد ونستثمر مقدار ما أوتينا من أى ملكة خاصة فيما يضر ويؤخر دون أن ندرك أننا نقامر بحاضرنا ومستقبلنا فى ألعاب خاسرة. فقد تلاعب مسؤولو الأهلى والزمالك بالدولة وبالناس واستغلال الجمهور واقتسما المعارك والتلاسن والأذى، وعلى قدر ما كانت فتة فى غاية الذكاء تحمل معانى كثيرة فاللأسف لم تصل رسالة السيسى كما أراد وكما ينبغى أن تصل فخروج السيسى أثناء المباراة وركوبه عجلة رسالة تعنى أنه لا يرى المباراة وأن الحياة يجب ألا تتوقف وتختزل فقط فى المشاهدة، ومؤكد أنه كان يريد أن يعلن أنه شديد الاستياء فى الأداء الذى حدث قبل المباراة ومن أفعال ومواقف أراد بها أصحابها كسب مجد شخصى كما يتصورون على حساب الدولة وعلى حساب الأخلاق والمجتمع. ومن رسائل السيسى أيضا فى هذه اللفتة أن كرة القدم أو الأهلى والزمالك ليس هما الرياضة بل هو يقدم دعوة لممارسة الرياضة ووضع الثأر التاريخى بين الفريقين وحجمه الطبيعى دون تهويل والدخول فى توافه المعارك وإضافة خسائر جديدة للمجتمع وأعباء أخرى لا نطيقها.

العقلاء والعلماء فى هذا الوطن عليهم إيجاد سبيل للتطهر من دنس الأمراض التى علقت بجسد الوطن فالحل هنا ليس فى يد الدولة التى تمتلك آلية التنفيذ ولكن التفكير وإيجاد حلول حقيقية يجب أن يأتى من عقول مستنيرة ويجب على كل من ينتمى لهذا الوطن أن يبدأ بنفسه وأن يعلن أن الرقى أسلوب حياة ويثبت انتماءه بالقرابة والقرب من الأخلاق حتى لو تكالبت عليه كل عشوائيات الشر والجهل والأذى. مؤكد أنه من الصعب مواجهة الذاكرة بواقع مناقض له ولكن الإرادة واليقين بأنه لا شىء سيختلف ويتغير ما لم نبدأ بأنفسنا وبإصرار سيجعل لنا قيمة وهدفا وإجادة رفع أثقال التحدى ووقتها ستصبح البلطجة بأنواعها «لقيطة» فى هذا الوطن فالأخلاق والرقى هما الحجارة والصخور التى يجب أن نقف عليها بشموخ فإما أن نبقى بين منحدرات مسيئة أو نحيا على قمم مضيئة لا وقت فيها للقضايا والتضحيات الكبرى بعيدا عن الهوس فى مناقشة الهوامش والصغائر والوقوف عند تفاصيل صغيرة حمقاء وتافهة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة