كنا بحاجة إلي صدمة عنيفة حتى نستعيد ذاكرتنا ، ونعيد فلسطين إلي خارطة أولوياتنا ، صحيح أن الثمن كان غالياً ، والجريمة التي ارتكبت تسجل واقعاً مأساوياً لشعب يحاولون قهره وإذلاله ، لكنها الضريبة ، موت ودم وسجن واضطهاد وتشريد ، مقابل الحق والحياة والحرية و النصر .
عادت فلسطين ، تذكرناها ، فهي قضية القضايا ، هي محور كل أزماتنا ، هي كل شئ ، ولا يمكن أن تكون لا شئ ، هي الأرض التي تأخذ كل من حولها بذنبها ، يوم تسرق وتهان وتدنس مقدساتها ، وهي المباركة اذا سادها العدل والسلام والاطمئنان ، هي فلسطين التي لا تزول إلا بزوال الأرض ، فهناك ، في ربوعها أولي القبلتين ، مسري رسول الله إلي البشرية جمعاء ، وثالث الحرمين الشريفيين ، وفيها حرم أبو الأنبياء وكنيسة العذراء ومهد المسيح .
كان الثمن غالياً ، ولكن متي لم يدفع في فلسطين ثمناً غالياً ؟ منذ قرابة مائة عام بدأ إحلال الأغراب مكان أهل الأرض ، تآمرت كل قوي الشر عليها وعليهم ، و تناوبت الإمبراطوريات علي تنفيذ تلك المؤامرة ، فسقطت رايات وحلت مكانها رايات ، ومازالت فلسطين واقفة ، رايتها عالية ، شعبها أبي ، وأطفالها يحرقون ، نعم ، حرق المستوطنون الصهاينة "علي" عند الفجر ، وهو نائم في حضن أمه ، لا يدري بأي ذنب قتل ، ولكن أهله يعرفون ، وجيرانه يعرفون ، وكل حبة تراب في الأرض المطهرة تعرف بأي ذنب هم يقتلون.
أعادنا "علي" إلي حقيقتنا ، وأنسانا كل تلك الفقاعات الملهية لنا ، لا "داعش" ولا "حوثي" ولا "اخواني" ولا " ولي فقية" ولا " اردوغان " منظر الجثة المتفحمة للرضيع أعادت إلينا صوابنا ، وذكرتنا بان فلسطين مازالت حاضرة ، وستبقي حاضرة ، رضيت "حماس" أم لم ترض ، تحركت السلطة أم لم تتحرك ، أدانت أميركا أم لم تدن ، تباكي " بوكي مون" أم صمت ، فالإنسانية ستدافع عن نفسها في مواجهة الذين اثاروا الفوضى ونشروا الموت في كل ربوع الأمة حتي تعيش الدولة المزروعة غصباً وعدواناً فوق الجثث والأشلاء ، وستنتصر الإنسانية ، وستبقي فلسطين تجدد بشهدائها ذاكرتنا !!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة