يا حبذا لو تضمنت الخطة القومية لعلاج فيروس سى، جدولا زمنيا لإعلان مصر خالية من هذا المرض اللعين، «الشبح» الذى أذلّ المصريين وأحزن حياتهم واستنزف دخولهم، فليس المريض وحده هو الفريسة بل الأسرة كلها، وفى مصر المحروسة ينشط المنتفعون من الأزمات حتى لو كانت الأمراض، ويحققون ثروات هائلة من آلام المرضى وأوجاعهم، وعندما يكون الداء بلا دواء يلجأ الناس إلى الخرافات، وعندما يعجز الأطباء يسود الدجالون وتنتشر عقاقير الغش والنصب، ويصبح المرضى الغلابة فئران تجارب للحبة الصفرا والعلاج بالأعشاب ولدغ النحل وبول البعير ودم الحمام.
إعلان مصر خالية من فيروس سى، يضارع السد العالى وقناة السويس الجديدة وربما الأهرامات، لأنه يقضى على عدو شرير يهدد ملايين الأسر، فلو كان الحد الأدنى 8 ملايين مريض، فى متوسط عدد الأسرة 4 أفراد، فمعنى ذلك أن ثلث المصريين يعيشون فى هلع وخوف، وهم يرون المريض ينصهر أمامهم كل يوم كالشمعة، فتضمر عضلاته ويتآكل جسده وينتفخ بطنه، ويدخل فى مسلسل القىء الدموى والغيبوبة الكبدية، حتى ينتهى الأمر بالموت المؤلم، أما من يفكر فى زراعة الكبد فتكاليفها خرافية ولا تقل عن نصف مليون جنيه، وليس أمامه للعثور على متبرع إلا عصابات تجارة الأعضاء، أو الذهاب إلى الصين فى رحلة الأهوال والمجهول، وفى السنوات الأخيرة أغلقت الصين أبوابها، وأحجمت المستشفيات المصرية عن الزراعة من متبرعين أغراب خوفا من المساءلة القانونية.
إعلان مصر خالية من فيروس سى، إنجاز يفوق أى مشروع آخر، لأنه يعيد الحياة والأمل والتفاؤل لملايين المصريين، يستردون صحتهم وعافيتهم من براثن الشبح اللعين، ويكونون قادرين على العمل والإنتاج وكسب لقمة العيش، وينقذ الدولة من مليارات كانت تضيع فى وسائل علاجية غير فعالة.. ولكن لابد من مشاركة مجتمعية مؤثرة وفعالة، لجمع الأموال والتبرعات وإنشاء صندوق خاص لهذا الغرض، ومضاعفة أعداد من يتم علاجهم، لاختصار الوقت إلى عامين بدلا من خمسة، وتوفير العلاج للقادرين وغير القادرين، فكل مريض يشفى من فيروس سى يولد من جديد.