الأصدقاء الذين أنكروا علىّ تبنى فكرة الحكومة السرية للعالم أو وجود ما يشبه الإدارة المركزية للكوكب تضع السياسات العامة وتشن الحروب وتصنع الأوبئة والمجاعات أو تفرض الثقافة الكونية التى تريدها، أذكرهم جميعا بمقولة الرئيس الأمريكى الأسبق روزفلت «لا تتصوروا أن الأحداث التى ترونها تتحقق بمفردها أو لأنها يجب أن تحدث، وإنما لأن وراءها تخطيط يجعلها تبدو كأحداث مفاجئة».
وفى هذا السياق أيضا أذكر أصدقائى بعيدا عن فكرة المؤامرة الكونية المرفوضة بأمرين، أولهما القرار الذى اتخذته الإدارة الأمريكية قبل ثورة 25 يناير بتمويل منظمات المجتمع المدنى فى مصر وعدد من بلدان العالم بمعزل عن رقابة الحكومات، ماذا كانت طبيعة هذا التمويل؟ وما هى البرامج التدريبية التى كانت تعمل عليها منظمات المجتمع المدنى آنذاك بالتعاون مع السفارة الأمريكية فى القاهرة ومؤسسات مثل المعهد الديمقراطى والمعهد الجمهورى وفريدوم هاوس؟.
الأمر الثانى، ماذا تعمل المنظمات السرية الكبرى مثل منظمة بيلدر بيرج والتى تعقد لقاءات سنوية تضم رؤساء مجلس إدارات أكبر الشركات والمصارف والمؤسسات العالمية مع ما يسمون بصانعى القرار فى المراكز المؤثرة فى العالم الغربى وكبار المنظرين والمفكرين السياسيين أمثال هنرى كيسنجر وبرنارد لويس وغيرهما من قيادات المنظمات الدولية السابقين مثل محمد البرادعى وكوفى عنان؟.
حقيقة الأمر أن مثل هذه المنظمة التى تأسس فى إحدى اجتماعاتها الأولى الاتحاد الأوروبى نفسه تحت اسم الحركة الأوروبية بدعم أمريكى كندى، تضم وتمول إلى جانب المخابرات الأمريكية والكندية عشرات المؤسسات الثقافية والإعلامية ومراكز الأبحاث الدولية التى تعتبر مهمتها الأساسية إعادة ترتيب الأدمغة فى العالم وصناعة الثقافة الكونية انطلاقا من الثقافة الغربية المنتصرة وتقديم التوصيات للمسؤولين التنفيذيين فى الدول الكبرى لتقديم أسماء بعينها لقيادة الدول أو المؤسسات الاقتصادية الكبرى.
وفى أحد الاجتماعات بمشاركة أعضاء بارزين من حلف الناتو تقرر إعادة تمهيد وترتيب المنطقة شمال أفريقيا وشرق المتوسط والخليج العربى عبر صناعة الانتفاضات الشعبية والحروب الأهلية الممنهجة ودعم إنشاء مجموعة من الدويلات الجديدة فى تلك المناطق على أساس عرقى واثنى ليس هذا فقط، وإنما تقدم مثل هذه المنظمة توصيات ملزمة لقادة الدول الغربية الكبرى بمواجهة الأخطار المحتملة التى تحددها. وللحديث بقية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة