كرم جبر

مش مصدق إن المكان ده فى مصر!

الجمعة، 14 أغسطس 2015 11:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ذهبت مع ابنى لاستخراج شهادة الإعفاء من الخدمة العسكرية، فى منطقة الحلمية وكنت أضع يدى على قلبى خوفا من الزحام والطوابير، والله العظيم بدون واسطة ولا معرفة، ودخلنا صالة كبيرة فاخرة ومكيفة، فيها كراسى وترابيزات آخر شياكة، وأعطانى الجندى على باب الصالة رقما بالكمبيوتر مثل البنوك، وطلب منا الجلوس حتى يأتى دورنا، وعلى الحائط لوحة كبيرة عليها خطوات استخراج الشهادة، وفى أحد الجوانب كافتيريا نطيفة جدا، تقدم المشروبات الساخنة والباردة بأسعار زهيدة، وبعد دقائق ظهر الرقم على الشاشة، وفى دقائق معدودة راجع الموظف المختص الأوراق، وطلب منا الجلوس لحين مراجعتها، وقبل مرور نصف ساعة ظهر الرقم مرة ثانية، وذهب ابنى للتصوير واستلام الشهادة.

خرجت من مكتب تجنيد الحلمية وأنا لا أصدق نفسى، هل أنا فعلا فى مصر وهل الموظفون الموجودون فى المنطقة مصريون؟ لأنه فى المرات القليلة التى أذهب فيها لقضاء مصلحة، بدون صفتى الصحفية التى تسهل الأمور أحيانا، أعانى الأمرين وغالبا أعود دون قضاء المصلحة، والدهشة الأكبر كانت على وجه ابنى، المعيد بالجامعة الألمانية، الذى بادرنى بسؤال: ليه النموذج ده ميبقاش فى المصالح الحكومية بدلا من تعذيب الناس؟ فعلا ليه؟.. وتذكرت يوما أسود ساقنى فيه القدر لعمل توكيل فى إحدى المصالح الحكومية.. جبلاية بشر يستحمون فى البخار والعرق، والله العظيم نشبت معركة بالكراسى داخل الصالة الصغيرة التى تشبه علبة السردين، بين موظف وعميل، واحتشد الموظفون لمناصرة زميلهم، وصراخ واستغاثة وهرج ومرج، ولكن الله سلم، وخرجت سالما.

قلة الإمكانيات ليست مبررا للتعقيدات وسوء معاملة الجمهور، والثورة الإدارية يجب أن تكون معولا يضرب الجهاز الحكومى المترهل، وينقيه من الخلل والفساد والبيروقراطية، والناس يجب أن يلمسوا بأنفسهم بوادر التحسن على أرض الواقع، وليس فى تصريحات المسؤولين والبيانات الإعلامية، والوزراء المعنيون بتقديم خدمات للجمهور يجب أن ينزلوا فى جولات مفاجئة وليست على طريقة المطار السرى، ليقفوا فى الطوابير ويتخذوا قرارات شجاعة وجريئة وجذرية، للقضاء على معاناة الناس، ليس بوقف موظف مهمل عن العمل فقط أو توقيع عقوبات، وإنما بمنظومة متكاملة وحقيقية، ومن لا يصدقنى أدعوه لزيارة منطقة تجنيد الحلمية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة