أتمنى أن تتبنى مؤسسة «اليوم السابع» قضية الصحافة الإلكترونية، بعد المبادرة الناجحة بشأن الصحافة الإقليمية، فأحوال الصحفيين الإلكترونيين أسوأ من عمال التراحيل، فلا نقابة تحميهم، ولا قانون ينظم مهنتهم، ويندس بين صفوفهم كل من هب ودب، ومن ليست له مهنة، ويعملون بلا أجر أو برواتب متدنية جدًا، ويستطيع ملاك المواقع أن يرموهم فى الشارع دون أدنى حقوق.. وأساس المشكلة أن المواقع الإلكترونية تعمل فى الهواء الطلق، دون قوانين أو نظم تحكم عملها، وعددها بالآلاف، ومن حق أى إنسان أن ينشئها فى غرفة صغيرة أو تحت بير السلم، وينشر ما يحلو له، وتحيط بعضها الشبهات والسمعة السيئة، بسبب تحولها إلى منتديات للقذف والسب والشتائم والبذاءات، ونشر الأكاذيب والافتراءات، والنيل من سمعة الأبرياء، علاوة على التعليقات الفاضحة التى لا تراعى الأخلاق، ويختلط الحابل بالنابل وتضيع جهود زملاء فى المهنة، يمكن أن يضيفوا إليها الكثير.
لا يمكن ترك الصحافة الإلكترونية دون اعتراف أو تنظيم، خصوصًا أن بعض الصحف القومية والخاصة تمتلك مواقع غاية فى النجاح والتميز، وتحقق معدلات قراءة بالملايين، ولا يمكن الاستعناء عنها، وتسابق الأحداث، وتلهث وراء السبق والانفراد والتميز، ويمكن أن تكون نقطة الانطلاق.
وأعتقد أن نقابة الصحفيين يجب أن يكون لها دور، ولا تكتفى باستخدام الفيتو ضدها، ويمكن أن تعدل قانونها، وتعترف بحق إصدار الصحف الإلكترونية للمؤسسات القومية والخاصة كمرحلة أولى، بحيث تخضع لقانونها وتصدر بترخيص، ويكون من حق صحفييها الانضمام لعضوية النقابة بعد استيفاء شروط القيد، وتلتزم بميثاق الشرف الصحفى، وأحكام وضوابط المهنة.
الصحافة الورقية لن تستمر طويلًا، وتواجه أزمات مالية طاحنة بسبب ارتفاع أسعار الورق وأدوات الإنتاج، وانخفاض معدلات التوزيع وانحسار الإعلانات، وتحاصرها المشاكل والديون من كل جانب، والصحف الإلكترونية لا تعانى من هذه الأوضاع، ويمكن أن تحل كثيرًا من المشكلات، إذا تحولت للعمل المؤسسى، وقننت أوضاعها، واتبعت أسسًا مالية وإدارية سليمة، وأضفت على العاملين فيها الحماية والمشروعية، والتزمت بالضوابط المهنية والأخلاقية، وميثاق الشرف الإعلامى، وتستطيع أن تستوعب الآلاف من خريجى الجامعات الذين سدت فى وجوههم أبواب العمل الصحفى، والأهم أن تكون هناك مبادرة جريئة لفتح هذا الملف المسكوت عنه.