اذا لم تأخذ قضية التعليم حقها من اهتمام الدولة فستصبح كل استراتيجيات التنمية والتطوير هجص وتطبيل. واذا لم تفهم القيادات السياسية أن خراب التعليم هو السبب الرئيسى فى كل الكوارث التى تعيشها البلد فلا داعى للطنطنة بالتغيير والتجديد. وإذا استمر وزراء التربية والتعليم فى الاحتفال بأوائل الثانوية العامة الحاصلين على 101% و102% وصدقوا هذا الهراء وهللوا له فلا أمل ولا عمل إلا دفن رؤؤسنا فى الطين.
يا سادة لا يمكن لطالب الحصول على هذا المجموع فى أى دولة بتفهم. حتى لو كان أينشتين أو شكسبير. لا يمكن أن تخرج هذه المجاميع الخزعبلية إلا من تعليم سفلى معمول له عمل فى شبرامنت. لا يمكن لآدميين الحصول على هذه الدرجات إلا لو كانت الامتحانات كلها تعتمد على الحفظ العقيم بلا أى مجال للفهم أو الرأى أو الإبداع وهذا هو المعيار الأول فى أى تعليم حقيقى.
لذلك لا يمكن أن يحصل الطلاب فى الخارج على 100% لأن لا يوجد رأى أو إبداع كامل. أما هنا فى مصر فالتعليم فى الصغر كالنقش فى الحجر. نقش ودش ونقل بلا أى فهم أو إدراك أو وعى لذلك يتخرج من المدارس الإرهاب والجهل والهبل. فالطالب أو التلميذ مجرد أسفنجة تمتص ما يرمى لها من المناهج الميتة العقيمة. عقله مجرد مكنسة كهربائية تمشى على الدروس لا فرق عندها بين الزلطة والجوهرة فلا داعى للفهم طالما علينا أن نحفظ. نحن نفرض عليهم الأسئلة والأجوبة فلا هو فكر فى السؤال ولا هو فهم الإجابة. تصور أن أحد الطلاب مثلا فكر قليلا وبحث وكتب أن محمد على باشا لم يكن رائد لعصر النهضة لأن المصريين كانوا يعيشون فى ذل وهوان أيام حكمه. هذا الطالب سيرسب فقط لأنه قرأ وفكر. لكن لو كان حافظا زى زملائه صفحة الكتان والقطن ومذبحة القلعة كان نجح وبتفوق وبالمثل لو قام أحد الطلاب بحل مسألة رياضية بشكل مختلف عن كتاب الوزارة سيأخذ صفرا.
الأصل فى التعليم هو تنمية قدرات العقل وليس حشوه تطوير الذات وليس حصارها فى قوالب محفوظة. لذلك قبل أن نتحدث عن تطوير أبنية المدارس وتنمية قدرات المدرسين والدروس الخصوصية وعدد التلاميذ يجب أن نغير مفهوم التعليم نفسه فى مصر لأن التعليم بهذا الشكل لن يخرج لنا مبدع أو مفكر أو عالم بل مجرد موظفين أو حتى (سواقين توك توك).
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة