فى الوقت الذى بدأ فيه الموسم الدراسى فى جميع مراكز الدروس الخصوصية على مستوى الدولة وسط إقبال وانتظام يتجاوز الحضور والالتزام فى المدارس الحكومية، أصدر الدكتور أسامة عبدالواحد، محافظ كفر الشيخ يوم الأربعاء الماضى قرارا بحظر الدروس الخصوصية، والتصدى لها بكل حزم، وفى اليوم التالى أعلن وزير التربية والتعليم أن الوزارة ستقضى على الدروس الخصوصية هذا العام عبر إطلاق قناة تعليمية، وإقامة دروس تقوية فى المدارس يتم فيها الاستعانة بمعلمى الدروس الخصوصية، الذين يتمتعون بشهرة واسعة وإقبال كبير من الطلاب، على أن يتم منح المعلم نصف مايتقاضاه من الدروس الخصوصية فى مركزه الخاص.
يبدو أن الوزير والمحافظ يعيشان فى دولة أخرى ويتحدثان عن نظام تعليمى آخر غير النظام المصرى، فالأول يتحدث عن منع الدروس فى الوقت الذى اعترف فيه خلال العام الدرسى أنه أسير هذه الآفة وأن كريمته تأخذ دروسا خصوصية، كما يعتقد الوزير أن إنشاء قناة تعليمية ستحل المشكلة، وكأنه لايعلم أن الدولة كان لديها أربع قنوات تعليمية تهدر عليها أكثر من 22 مليون جنيه سنوياً دون أن تحقق أى فائدة للطلاب، بل كانت انعكاسا لنظام تعليمى عقيم، طاردة للمشاهدين (الطلاب) غارقة فى الروتين، وكأنها تطبيق عملى للفشل المدرسى، وبالرغم من ذلك ظلت هذه القنوات تعمل لسنوات طويلة كسبوبة لمجموعة من المعارف والمنتفعين حتى حدث الصراع بين وزارة الإعلام (مجلس الإعلام) ووزارة التربية على الإنفاق عليها فتم إغلاقها بعدما تراكمت ديونها.
إذا كان وزير التعليم يعتقد أن عودة قناة تعليمية جديدة يمكن أن يحل أزمة الدروس الخصوصية فليس ذلك سوى ضرب من ضروب الخيال أو التمنى فى أحسن الأحوال، والتعليم لايعرف سوى العمل والاجتهاد ولاعلاقة له بالأمنيات، فتجارب الدول المتقدمة فى تطوير التعليم للنهوض بالأوطان انطلقت من منظومة شاملة وفق أسس علمية وخطط استراتيجية وليست قناة تليفزيونية.
وبدلاً من أن يعلن الوزير عن حلول عملية لتطوير العملية التعليمية بدءا من المنهج الدراسى، الذى يتم ترقيعه كل عام حسب الأمزجة والأهواء، مروراً بالمعلم الذى يحتاج إلى حُسن اختيار، وصولاً إلى المبنى المدرسى، الذى أصبح بمثابة سجن للطلاب فى ظل تكدس الأعداد، قرر مشاركة مدرسى الدروس الخصوصية فى أرزاقهم من خلال نقل مراكزهم الخاصة إلى المدرسة على أن يتقاضى المعلم نصف ما كان يتقاضاه فى مركزه الخاص وكأن المدرسة أصبحت مكانًا للإيجار، للأسف الوزير فسر الماء بعد الجهد بالماء، فنقل الأزمة من مكان إلى آخر وظن أنه قضى على الدروس الخصوصية ونجح فى تطوير العملية التعليمية.
أما محافظ كفر الشيخ فيبدو أنه لايرى الحشود الطلابية، التى تسير فى الشوارع حاليا ولم يسأل نفسه وأعوانه أين تذهب تلك الحشود؟ فى الوقت الذى تغلق فيه المدارس الحكومية أبوابها بنفس الطريقة، التى أغلقت بها عقولها ونشاطها منذ سنوات طويلة.. واضح أن كلام الوزير والمحافظ للاستهلاك المحلى وليس التغيير والتطوير، فالعملية التعليمية تحتاج إلى جهد كبير وتغيير فى الأنظمة والقوانين حتى تصبح المدرسة وحدة للتربية والتعليم وبناء للعقول ومركز للإبداع، بعدما أصبحت مكانا للامتحانات وإعلان النتائج فقط.
إذا كان القائمون على التربية والعاملون فى الدولة غير قادرين على التطوير والتحديث ولايملكون القدرات التى تؤهلهم لذلك فيمكنكهم الحصول على كبسولات الذكاء، التى اكتشفها العلماء فى روسيا مطلع الشهر الحالى، وأكدوا أنها تزيد من القدرة على التفكير والتركيز.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة