فى العراق وخلال حكم الرئيس السابق صدام حسين، وفى ظل قوة النظام وسطوته، كان أى نزاع أو عراك بين شخصين على مقهى أو ناد أو فى شارع لأسباب عادية يتحول إلى تهديد ووعيد من أحد الأطراف للآخر بالإبلاغ عنه بتهمة «سب السيد الرئيس صدام»، وكان الاتهام كفيلًا بأن يخضع الطرف المتهم زورًا لشروط المدعى وابتزازه.. بالطبع أصحاب النفوس المريضة فقط هم من مارسوا هذا السلوك الشاذ، وليس كل الشعب العراقى، حتى المصريون العاملون فى العراق وقتها استغلوا «التهمة السخيفة» بحس فكاهى، وحولوها إلى مزحة فى نقاشهم وأحاديثهم مع إخوانهم العراقيين، ولم يتعدَ الأمر حدود المزاح.
أذكر ذلك وهناك ما يحدث حاليًا فى مصر ما يشبه التهمة العراقية، مع الفارق فى الظروف السياسية والاجتماعية، ولفت انتباهى فى بعض الأخبار التى تناولتها وسائل الإعلام مؤخرًا أن بعض الناس بدأ فى استغلال الأوضاع السياسية والأمنية الحالية للتخلص ممن يرى فيهم عداوة، أو الكيد والثأر منهم، والإبلاغ عنهم بأنهم «إخوان»، وهى التهمة الكفيلة بإسراع قوات الأمن بالقبض على الشخص وسجنه لأيام وأسابيع وقد تمتد لشهور، حتى يتم التحقق من براءته من «الأخونة»، والمسألة تكررت كثيرًا إلى حد أن بعض الزوجات اللائى أردن التخلص من أزواجهن لم يجدن تهمة أسهل من أن زوجها «إخوان» للتخلص منه!، أو جار يبلغ عن جاره، أو زميل عن زميله فى العمل.
منذ أيام قليلة وداخل مبنى التليفزيون استوقفنى أحد الموظفين الغاضبين من الأوضاع داخل المبنى، وصب غضبه على القيادات، واتهم عددًا منهم بالأسماء بأنهم إخوان، فطلبت منه أن يتوقف عن الكلام، والتوجه للنيابة، وتقديم ما لديه من إثباتات قانونية وليس بالشبهات استغلالًا للظروف.
أقول ذلك وموقفى من الإخوان ثابت ومعروف، ليس فى السنوات الأخيرة، ولكن منذ نهاية السبعينيات، وبالتأكيد لا أتمنى أن نصل إلى وضع يشبه ما حدث فى خمسينيات القرن الماضى فى أمريكا من هوس ما سمى بالمكارثية، لملاحقة من ينتمون للشيوعية، فنحن دولة قوية، ولدينا من القوانين، وآخرها قانون الإرهاب، الكثير الذى لا يأخذ الناس بالشبهات والظنون والبلاغات الكيدية، والعاطل بالباطل، والحابل بالنابل.. الدولة عليها أن تتعامل بثقة فى قدرتها على التعامل بالقانون، وليس بالهواجس والظنون، وهذا بالتأكيد لا يليق بالدولة الجديدة التى أنجزت الكثير بقوة وإرادة شعبها، ووقوفه خلف قيادته، وليس بالقوة الأمنية فقط.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة