انتحار عامل المحلة، شنق نفسه بـ«حبل غسيل» فى شرفة منزله بعد عجزه عن توفير العلاج الكيماوى لابنه، الطفل المصاب بالسرطان.. كان هذا هو الخبر الذى نشرته جميع الصحف الأربعاء الماضى، وقالوا إن الرجل يعمل «حداد مسلح»، وقالت زوجته إنه عجز عن توفير العلاج الكيماوى لابنه.
بعد نشر الخبر، أصدر الدكتور عادل عدوى، وزير الصحة، قرارًا بعلاج الطفل المصاب بالسرطان على نفقة الدولة.. طبعًا القصة أثارت تعليقات كثيرة، باعتبار أنه لو كان الرجل وجد الاهتمام بابنه وهو على قيد الحياة ربما ما كان أقدم على الانتحار.
الجزء الثانى.. بعد قرار وزير الصحة، تم بالفعل إرسال سيارة إسعاف نقلت الطفل كريم لمعهد أورام طنطا، لإجراء الفحوصات والكشوف اللازمة والعلاج، وأعلن الأطباء فى معهد الأورام أن التحاليل الطبية والفحوصات الأولية كشفت عدم إصابته بالسرطان، وأنه يعانى من أنيميا من الدرجة المتوسطة، وجاءت نتيجة التحاليل سلبية.
أما الجزء الثالث فهو يزيد من غموض القصة، فقد غادر الطفل معهد الأورام، ويقول الأطباء والمسؤولون إنه هرب بمساعدة أسرته قبل استكمال التحاليل، أو تقرير العلاج له، ويقول عم الطفل إن ابن أخيه هرب إلى منزله.. المستشفى طلب عودة الطفل لاستكمال الفحوصات الطبية المتقدمة، لكنه رفض، وقال إنه غير قادر على الحركة.
القصة غامضة طبعًا ولا تخلو من مأساة، لأن والده انتحر وهو يظن أنه عاجز عن توفير العلاج لابنه، بينما الابن- حسب التقارير الطبية حتى الآن- ليس مصابًا بالسرطان، فهل كان التشخيص الخاطئ من الأطباء وراء مأساة الأب؟، أم أن هناك طرفًا ما كان يكذب؟، ولماذا رفضت والدة الطفل مرافقته إلى معهد الأورام حسب شهادة عم الطفل؟، وهل انتحر الأب فعلًا؟.. وبالرغم من الغموض، لا يمكن تجاهل مأساة الأب الراحل.
الحادث بشكله المنشور مأساة من كل الجهات، ربما لو كان الأب المنتحر هدد ووصل إلى الصحافة والإعلام، مطالبًا بعلاج ابنه، لكان من الممكن إنقاذه.
وهناك نظرة مزدوجة للمأساة.. أن قرار العلاج لم يصدر إلا بعد انتحار الأب، والمسؤولون بالصحة قالوا إن الطفل لم يخضع لكشف سابق، والأب لم يتقدم للمستشفى.
وبصرف النظر عما تسفر عنه نتائج القضية، فهناك ثغرة ما فى التواصل بين المواطن والمسؤولين، وبعد أن نشكر وزارة الصحة على الاستجابة نرى أنه من المهم أن تكون هناك لجانًا طبية يتقدم لها المريض، فتقرر متابعته بسرعة.
هناك بالفعل بيروقراطية وتعقيدات تحتاج حلًا، يمكن أن تسهل على المواطنين الغلابة، حتى يمكن إنهاء قضية العلاج نهائيًا، وهى مشكلات تحتاج إلى حل، بصرف النظر عن حقيقة مرض طفل المحلة ووالده المنتحر.