يُشكر المستشار مرتضى منصور أنه اتخذ قرارا بسحب شكوى الزمالك ضد أحمد الشيخ، ووأد فتنة كان يمكن أن تشعل حربا أهلية بين الأهلى والزمالك، وأعلن عن نياته الطيبة فى الصلح مع مجلس إدارة النادى الأهلى، والذهاب إلى الجزيرة إذا وجهوا إليه الدعوة، وقذف الكرة فى ملعب المهندس محمود طاهر، ليرد التحية بمثلها أو بأحسن منها، حتى تهدأ الأجواء ويخف الاحتقان وتنصرف الشياطين، وتتحد الجهود المشتركة لمقاومة شغب الملاعب وعودة الجماهير إلى المدرجات، فلو انصلح حال الناديين ينصلح حال الكرة المصرية، ويعود زمن المنافسة الجميلة والتشجيع النظيف، وعناق علم مصر فى الأيادى والقلوب، وإذا تشاجرا فسدت الرياضة وانهارت الأخلاق.
الكرة أيضا فى ملعب اتحاد الكرة المهزوز، الذى يلدغ من نفس الجحر مرة ومرتين وعشرة ولا يستفيد من أخطائه وعيوبه وكوارثه، ويتقمص أعضاؤه دور الإخوة الأعداء، فتخرج مواقفهم وقراراتهم منحازة ومرتبكة ومتعارضة، وفقدوا الاحترام أمام الأندية والجماهير، ولم يعد موثوقا فيهم لأنهم أقل بكثير من أن يديروا اللعبة الشعبية فى بلد بحجم مصر، وكل عام تنشأ مشكلة توقيع اللاعبين لأكثر من ناد، ولا يستطيع الاتحاد أن يتخذ قرارات باترة ومعلنة سلفا على الجميع، ويترك تقرير المصير لمن يصرخ ويهدد ويستدعى جماهيره، لمناصرة لاعبين انتهازيين بهرتهم أضواء المدينة والفلوس والشهرة، ومنذ أن خطف الأهلى رضا عبدالعال فى عز الضهر، أصبح من الأمور العادية أن «يبوس» اللاعب فانلة الزمالك اليوم، وفانلة الأهلى غدا.
ما يحدث فى مصر ليس احترافا بل انحراف، واللاعب الذى لا يساوى نصف مليون، يرتفع سعره إلى عشرة ملايين، إذا تنافس الأهلى والزمالك على شرائه، وما أكثر الصفقات الفاشلة والنجوم الآفلة والأموال المهدرة، بسبب الصراع التاريخى بين الناديين، حتى أخذت المسألة شكل الصفعات المتبادلة بين «عنتر» و«لبلب» فى الفيلم الشهير، وترقص الفضائيات وتدق طبول وتوزع الشربات، وتزيد النار اشتعالا بين مشجعى الروابط، وتنامى الدور المشبوه للسماسرة ووكلاء اللاعبين، وأشعلوا المزادات الوهمية وربحوا أرقاما خيالية، وخرجت الأندية الصغيرة التى تصنع النجوم من الحرب غير مأسوف عليها، واكتفت بالفرجة فلا حول لها ولا قوة ولا أمل فى الفوز ببطولة، ولسان حالها يقول «مشيناها خطى كتبت علينا، ومن كتبت عليه خطى مشاها».