بحسب ما جاء فى حديث صحفى أخير للدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان والتعمير فإن الدولة ستبنى العاصمة الجديدة، وليس العبار أو صبور، مؤكدا أن الدولة ستبدأ بـ10 مليارات جنيه لتمويل البنية الأساسية للعاصمة الإدارية الجديدة ثم ستضخ هيئة المجتمعات العمرانية من 25 إلى 30 مليار جنيه ولن نكلف الدولة مليما واحدا!! وأضاف أن الدولة ستحل 70% من مشكلة العطش فى الشرقية وكفر الشيخ والقليوبية وبنى سويف والجيزة العام المقبل بتكلفة 3 مليارات جنيه.
أشعر بتناقض فى تصريحات الوزير وغياب كامل لمنطق الأولويات وضرورة الانحياز لحل معاناة ومشكلات أهالينا فى الريف والقرى البعيدة عن الأضواء. فمثلا كيف نحل 70% من مشكلة العطش ونؤجل الـ30% الباقية، وهى كارثة لا تقبل التأجيل، ولماذا لا تكون الأولوية للقضاء على المشكلة كلها بدلا من الإصرار الغريب على العاصمة الجديدة، والتى تواجه بكثير من الانتقادات المعمارية والفنية والاقتصادية، والأهم عدم الحاجة الماسة لمثل هذه العاصمة فهناك أولويات كثيرة مقابل موارد محدودة لا يجب إهدارها أو استثمارها فى مشروعات لا تساهم بشكل مباشر فى زيادة الدخل القومى أو حل مشكلات الفقر والبطالة.
والغريب أن الوزير يعتقد أن موارد هيئة المجتمعات العمرانية ليس لها علاقة بموازنة الدولة، أو لا يجب أن تدخل إلى الموازنة العامة!! لذلك يرى أن الدولة لن تتكلف مليما واحدا!! وهو اعتقاد خاطئ تماما لكنه ساد خلال سنوات حكم مبارك وجعل الدولة والموازنة العامة تدار بطريق «العزب» أو الإقطاعيات القديمة، فبعض الوزارات لها مخصصات خارج الموازنة، كما ظهرت الصناديق الخاصة وكلها أمور غريبة لا علاقة لها بمفهوم الدولة الحديثة التى لها موازنة واحدة تندرج فيها كل موارد الدولة.
رسالتى أن الوزير وحكومته يجب أن يؤجلوا مشروع العاصمة الجديدة ويركزوا على تطوير المياه والصرف الصحى والتعليم وإقامة مشروعات تنموية كبرى ومشروعات إنتاجية صغيرة، لأنه لا يوجد هناك حاجة ماسة وعاجلة لهذه العاصمة، وهناك حلول ومقترحات بسيطة وعملية كانت مطرحة قبل ثورة 25 يناير لنقل الوزارات والمصالح الحكومية خارج القاهرة إلى المدن الجديدة (أكتوبر وزايد والتجمع والشروق والعبور)، وكل هذه المدن لا تزيد نسبة الإشغال فيها على 20 إلى 30% من إجمالى الشقق والبيوت، كما توجد بها مساحات فضاء يمكن للدولة أن تبنى فيها ما تشاء من وزارات ومصالح حكومية، ما يعنى أنها لن تعانى من الازدحام قبل عشر سنوات تقريبا، ووقتها نأمل أن تكون حكومتنا قد تحولت إلى حكومة إلكترونية، وبالتالى لن يتحمل المواطن مشقة التنقل بين الوزارات والمصالح الحكومية ومعاناة «فوت علينا بكرة».
أخيرا.. هناك حل قديم جديد قدمه صديق لى من الإمارات، هو كاتب ومثقف إماراتى مرموق غاب عن مصر سنوات، وطلب منى أن يزور التجمع، الذى سمع عنه كثيرا، ولم يره، وذهبت معه.. ومن الوهلة الأولى أبدى إعجابه بحسن التخطيط والمبانى وانسياب الحركة المرورية وقلة المساكن الشاغرة، ووجدته يسألنى باستغراب «ليه عايزين تبنوا عاصمة جديدة.. ما هى موجودة»، يقصد أن التجمع يصلح تماما كعاصمة إدارية جديدة تستقبل الوزارات والمصالح الحكومية والسفارات، قلت له عندك حق، وشرحت له أن هناك أفكارا ومقترحات مطروحة من عام 2009 تؤكد صلاحية التجمع أن يكون بالفعل عاصمة إدارية جديدة وامتداد طبيعيا للقاهرة الأم، لن يكلف كثيرا لأن هناك بالفعل شبكة طرق وكبارى تربط بينهما.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة