بعد 7 سنوات من الجدل واللغط والاتهامات والإهمال عادت الحياة مرة أخرى إلى المسرح القومى، أقدم المسارح المصرية، منذ سبتمبر 2008 وعقب الحريق الشهير انطفأت أنواره وأغلقت أبوابه وتفرغ المسؤولون عنه للتحقيقات والنيابات، ولم يعرف المسؤول عن الحريق حتى الآن. المهم أن أنوار المسرح وقاعاته وبنواراته استعادت بريقها ووهجها من جديد بعد إصلاحه وتطويره وتجديده منذ أسبوعين ليعود أبوالمسارح المصرية فى أبهى صورة له بمبناه الأثرى الذى أمر ببنائه الخديوى إسماعيل عام 1869 بمناسبة افتتاح قناة السويس وخصصه للمسرح الكوميدى الفرنسى، الكوميدى فرانسيز، الشهير بجوار مبنى الأوبرا، أو جراج الأوبرا حاليا، قبل أن يتأسس «المسرح الوطنى» بعد ذلك بخمسين عاما وإنشاء الفرقة القومية المصرية عام 35، ثم يتغير اسمه إلى «المسرح القومى بعد قيام ثورة يوليو 52».
وليلة الاثنين الماضى وبدعوة كريمة من الصديق الفنان الجميل يوسف إسماعيل مدير المسرح القومى، شاهدت العرض الفنى البديع الذى تقرر عرضه فى إعادة افتتاح المسرح بالتزامن مع افتتاح قناة السويس الجديدة، وهو بالفعل عمل فنى يليق بالعودة الحميدة لنشاط هذا المبنى الأثرى بجمال تصميمه الداخلى وروعة تصاميمه ورونقه، وهو عمل فنى يليق بالفعل بإعادة الافتتاح.
اختيار مسرحية «ليلة من ألف ليلة» لرائد العامية المصرية المبدع المصرى الراحل محمود بيرم التونسى، هو اختيار ذكى وموفق للغاية فى موسم إعادة الحياة للمسرح القومى ولعشاقه وخير تكريم لذكرى بيرم، وليعود المسرح إلى مكانته اللائقة بين مسارح العالم التى قد يتفوق عليها، فما بالنا أيضا وبطل العرض هو الرائع العملاق الفنان يحيى الفخرانى.
لفت انتباهى بيت الشعر الشهير لأمير الشعراء أحمد شوقى «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا» أعلى ستارة المسرح، فالفن الهادف والراقى والممتع هو باعث للأخلاق والارتقاء بالسلوك العام فى المجتمعات المتحضرة، ومحفز للهمم الوطنية.
ومع انفراجة الستار ضجت القاعة بالتصفيق للفخرانى، ولطفى لبيب وضياء عبد الخالق والمطرب محمد محسن والمفاجأة هبة مجدى والفنانة سلمى غربى، وباقى أبطال العمل الفنى الذى يعد تحفة فنية لحنها الموسيقار الراحل أحمد صدقى بتوزيع جديد رائع للموسيقار يحيى الموجى وإخراج عبقرى للفنان محسن حلمى، وصفق الجمهور كثيرا للاستعراضات الراقصة وللغناء وسط ديكورات مسرحية ولا أروع. كانت ليلة من ألف ليلة تستحق أن تستمر آلاف الليالى، فقد عاد الأمل فى أن يقود المسرح القومى من جديد حركة الازدهار للمسرح المصرى وإعادة أمجاده.